في مقاله المنشور على صفحات "وجهات نظر" يوم الاثنين الماضي، طرح جيمس زغبي موضوعاً غاية في الأهمية يقارن فيه بين المهاجرين العرب والمسلمين في أوروبا وما يعيشونه من تهميش اقتصادي وسياسي وبين نظرائهم في أميركا حيث الفرص متوافرة للجميع. وبالرغم من مبالغته في الدفاع عن النموذج الأميركي، إلا أن كلامه لا يخلو مع ذلك من بعض الصحة. فبالمقارنة مع الدول الأوروبية ذات المجتمعات المتجانسة نسبيا من حيث العرق والدين، استطاعت أميركا تخطي هذه المرحلة منذ فترات تشكلها الأولى. ولا يخفى عن أذهاننا أن أميركا تشكلت أساسا من تدفق المهاجرين من أوروبا إلى القارة الجديدة طلبا لحياة أفضل وهربا من الاضطهاد الديني الذي كانت تعاني منه بعض الجماعات الدينية المسيحية.
وقد أثرت التجربة الأميركية الخاصة في التعامل مع المهاجرين الذين لم ينقطع أبدا تدفقهم على أرض الأحلام، فازدهرت كنتيجة لذلك الجاليات الإسلامية واليهودية وغيرها من الجماعات الدينية التي وجدت لها ملاذا آمنا يوفر لها حق الاختلاف وممارسة عقائدها بكل حرية. والأكثر من ذلك أنها نالت التمثيل السياسي وترقت في السلم الاقتصادي كأي جماعة أميركية أخرى. أما أوروبا فهي تعامل المهاجرين عكس ذلك تماما، إذ بالرغم من التشريعات والقوانين التي تعطي حق المواطنة لكافة أبناء المهاجرين، إلا أنه على صعيد الواقع ما زالت هناك تناقضات كبيرة تعتري مسألة التعامل مع المهاجرين وكيفية إدماجهم في المجتمع. وهنا يحضرني المثال الفرنسي أكثر من غيره لأنه عوض أن يقبل الآخر باختلافه لإثراء المجتمع، نلاحظ أن النهج السائد هو محاولة طمس خصوصيته الدينية وتحويله إلى فرنسي أبيض. عكس أميركا التي لا يوجد فيها مفهوم واحد لمفهوم الأميركي حيث يمكن أن يكون أفريقيا أو مكسيكيا أو إيطاليا، نجد أن الفرنسيين لا يقبلون المهاجر إجمالا إلا إذا كان يتحدر من أب اسمه جاك أو بيير!
ابراهيم بلحمانية- طنجة- المغرب