لا يمكن أن يكون ثمة موضوع على الطاولة، أو تحتها، أكثر تعقيداً وإثارة للاستشكال الموجود أمام الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة فؤاد السنيورة من مسألة نزع سلاح "حزب الله" الذي يجري الحديث عنه بصيغ متفاوتة جداً داخل الطيف السياسي اللبناني، بينما تتقارب التوصيفات المعلنة من طرف قوى دولية رئيسية مهتمة بهذا الشأن!
ولعل السنيورة الذي أحجم عن التطرق الى موضوع سلاح "حزب الله" خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع وزير الخارجية الأميركية، حين أثارت الأخيرة بلهجة "قاسية" ضرورة التزام لبنان بما يرتبه عليه قرار مجلس الأمن الدولي 1559 في هذا الشأن، لم يستطع الى الآن إيجاد صيغة "لفظية" تناسب وضع حكومته، إلا قول الأخير بأن حالة سلاح "حزب الله" يجب تأجيلها الآن"!
لكن هل ذلك هو التعبير الأمين عن مواقف القوى المشتركة في حكومة السنيورة؟ وهل الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل مع التأجيل؟ وماذا يمكن أن يعقب التأجيل؟ وكيف سيتم التعامل رسمياً، في لبنان، مع "حزب الله" وعناصره المسلحة، سواء في حالة إقرار التأجيل، دولياً وداخلياً أو بدون إقراره؟!
بطبيعة الحال لا تتردد واشنطن في أن تحمل أية سلطة عربية فوق ما تتحمل إزاء رأيها العام الداخلي وقواه المؤثرة، ومن هنا فلن تتوقف عن ممارسة الضغط على الحكومة اللبنانية لدفعها نحو نقطة التصادم الدموي مع "حزب الله" الذي يستبعد كثيرون أن يقبل طواعية تسليم سلاحه، خاصة وأن قطاعاً كبيراً من الرأي العام اللبناني يعارض ذلك في الوقت الحالي على الأقل، وبالنظر إلى الوضع الإقليمي وتوتراته، كما أن "حزب الله" ليس مجرد ميليشيا مسلحة وإنما هو نسيج من المؤسسات التي تمارس حضوراً قوياً في كامل المجال الشيعي اللبناني.
والحقيقة أنه بقدر ما بات مصير سلاح "حزب الله" بمثابة التحدي الأساسي لحكومة السنيورة، داخلياً بسبب بعض القوى التي تعارض استثناء ذلك السلاح من تطبيق اتفاق الطائف، وخارجياً نتيجة الضغوط المتعاظمة على لبنان من أجل دفع الجيش نحو مواقع "حزب الله" في الجنوب وتطبيق القرار الأممي الذي يشدد على ذلك! فما العمل إذن إذا كانت الشرعية الدولية بمثابة "فخ" لتفجير مجتمع ما من داخله؟!
حسن طاهر-بيروت