في مقال المحلل الأميركي روبرت شير الذي نشر على صفحات "وجهات نظر" يوم الاثنين الماضي تحت عنوان "العراق وحليفه الخطير" يتكلم الكاتب، والحسرة تملأ قلبه، عما آلت إليه الأوضاع في العراق. فبعدما كانت أميركا تعلق الآمال العريضة على سطوع نجم الديمقراطية في بلاد الرافدين، ومن ثم تصديرها إلى باقي البلدان العربية، ها هو العراق ينزلق أكثر فأكثر نحو الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر.
وعندما ننظر إلى الوضع العراقي والورطة الأميركية التي أربكت واشنطن ولم تعد تدري كيف تتصرف حيالها بعدما تبين لها أن الحل الأمني لا يمكنه أبدا أن يقضي على "المقاومة" والإرهاب، نجدها تلجأ إلى الحوار مع هذه الحركات علها تستطيع تهدئة الوضع والحيلولة دون تفاقم أعمال العنف. والأدهى من ذلك أن إيران التي تنعتها أميركا "بمحور الشر" باتت لاعبا أساسيا في الساحة العراقية ورقما صعبا في معادلته المعقدة. ولعلها تكون الرابح الوحيد من تورط أميركا في المستنقع العراقي. فإيران التي خاضت حربا قاسية مع عراق صدام حسين في الثمانينات تعرف جيدا أنها كانت تخوضها ضد أميركا التي لم يكن خافيا دعمها لنظام صدام حسين. والهدف بالطبع هو تطويق الثورة الإيرانية ووأدها في المهد.
غير أن طهران التي طبقت مبدأ "التقية" السياسية انتظرت كل تلك السنين لتجني الثمار الآن، وها هي أميركا تعض على أصابعها حيث قامت بكل شيء يخدم إيران ابتداء من الإطاحة بنظام "البعث" الذي كان يناصب بلاد فارس العداء وينازعها في مناطق حدودية كان يقول إنها عربية وانتهاء بالخدمة الجليلة التي قدمتها لها على طبق من ذهب والمتمثلة في وصول الشيعة إلى الحكم. وبالرغم من وصول "رجال أميركا" كما يسميهم الكاتب فوق دبابات العم سام إلا أن إيران لم تكن لتتمنى أفضل منهم. وما الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها إبراهيم الجعفري والوفد المرافق له في طهران إلا أبرز دليل على خروج إيران منتصرة في حرب السنوات الثماني ضد العراق.
توفيق بن عبد الله- فاس- المغرب