سوف تنضم مصر قريبا إلى قائمة الدول التي يقوم علماؤها بإجراء أبحاث الخلايا الجذعية، وذلك عندما يقوم مركز(In Vitro Fertilization) والذي يعني "التخصيب المختبري" أو "التخصيب في أنابيب زجاجية"، والذي يرمز إليه بالحروف IVF بالبدء في عمله في شهر أكتوبر القادم، عن طريق استخدام دم الحبل السُريّ الخاص بالمواليد، بعد الحصول على إذن من آبائهم. ولن يقوم هذا المركز بالدخول مباشرة إلى الحقل الجدلي الخاص بأبحاث الخلايا الجذعية الجنينية أو الاستنساخ العلاجي.
وبعد التغلب على حاجزي التقنية والتكلفة، فإن الدكتور "جمال سرور" مدير المركز يقول إنه يود أن يتمكن في النهاية من استخدام "الأجنة المبكرة" الزائدة بعد الحصول على موافقة الوالدين بالطبع، ثم القيام بعد ذلك باستخدامها في عملية التخصيب المختبري. ويمكن أن يؤدي هذا في حالة حدوثه إلى إشعال شرارة جدل أخلاقي في مصر كذلك الذي يحتدم حاليا في الولايات المتحدة، كما يمكن أيضا أن يفتح لنا نافذة نطل منها على انقسام الرأي العالم الإسلامي بصدد هذا الموضوع. ولا يوجد في الإسلام مرجعية دينية مركزية تقوم بالبت في هذا الأمر، مثل تلك التي يمثلها "الفاتيكان" في الكاثوليكية المسيحية.
علاوة على ذلك، فإن معظم البلاد العربية ومصر من ضمنها، لا توجد لديها حتى الآن قوانين خاصة بأبحاث الخلايا الجذعية الجنينية وذلك حسبما يقول" توماس آيتش" الباحث المتخصص في شؤون "الأخلاق الحيوية" الإسلامية bioethics Islamic في جامعة "بوتشم" في ألمانيا. وبعض المسلمين في مصر، وهي دولة شديدة المحافظة والتدين، لديهم الاستعداد للسماح بإجراء أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية لأنهم يؤمنون بأن الجنين لا تكون لديه روح حتى مرحلة متأخرة من نموه. ولكن هناك قسما آخر منهم يتفق في الرأي مع الأقباط الأرثوذكس والكاثوليك، الذين يرون أن تلك الأبحاث غير أخلاقية، بل وتتضمن قتلا للطفولة، لأنها تتلف الأجنة في أي مرحلة من أجل الحصول على الخلايا الجذعية.
ومن المعروف أن الاستنساخ حتى لأغراض علاجية، ممنوع في اللوائح الخاصة بنقابة الأطباء المصريين، وهي هيئة مستقلة تشرف على الممارسة الطبية العامة والخاصة في مصر التي تقوم بالإضافة لذلك بتحريم استخدام الأجنة في إجراء التجارب.
"لست أدري ما إذا كان هذا الوضع سيستمر طويلا أم لا... ولكن تدمير الأجنة من أجل الأبحاث يمثل إجراء غير أخلاقي، كما أنه لا يتسق مع تعاليم الدين الإسلامي". هذا ما يقوله حمدي السيد نقيب الأطباء المصريين الذي يقول أيضا: هذه الأجنة في الحقيقة تحتوي على حياة إنسانية في مرحلة الحمل، ولذلك فإن مصر لا تسمح سوى بإجراء أبحاث الخلايا الجذعية غير الجنينية، باستخدام مصادر مثل دم الحبل السُريّ.
ولكن الدكتور سرور وفي مقابلة أجريت معه في المركز الإسلامي الدولي للدراسات والبحوث السكانية، ومقره القاهرة، والذي يعمل مديرا له, يرد على ما قاله حمدي السيد: إن الأجنة التي يكون عمرها أقل من 14 يوما لا تكون قد تحولت بعد إلى روح إنسانية. لذلك، فإنني أتساءل ما المانع الذي يحول دون قيامنا باستخدام الأجنة التي يتم إسقاطها مبكرا، في أبحاث تعود فائدتها على البشر أجمعين بعد ذلك؟
وهناك بعض العلماء المسلمين الذين يتبنون آراء مؤيدة لإجراء أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية من منظور الشريعة الإسلامية. فمعظم هؤلاء العلماء يؤمنون بأن الله ينفخ الروح في الجنين بعد 120 يوما من حدوث الحمل، كما يقول الدكتور "آيتش" وبالتالي فإن هذه النقطة تحديدا هي النقطة التي يحصل عندها الجنين على حقوقه الأخلاقية وعلى وضعه كشخص قانوني. ولكن هناك علماء دين مسلمين آخرين يقولون إن الروح تدخل جسد الجنين في اليوم الأربعين بعد الحمل. وهناك رأي ثالث مستمد من الشريعة أيضا يذهب إلى أن هناك فرقا بين الحياة المحتملة وبين الحياة الواقعية.
ويشار إلى أن مصر ليست هي الدولة الأولى ذات الأغلبية الإسلامية التي يتم إجراء أبحاث خلايا جذعية جنينية فيها. فإيران كانت هي الدولة الأولى ذات الأغلبية الإسلامية التي يتم إجراء تلك الأبحاث فيها، وذلك عندما قام الأطباء الإيرانيون بتطوير خطوط إنتاج خلايا جذعية جنينية بشرية في عام 2003 بعد الحصول على موافقة من السيد علي خامينئي المرجع الديني الأعلى في إيران، وذلك حسبما يقول "لوروي والترز"، الأستاذ في معهد كندي لعلم الأخلاق بجامعة "جورج تاون" في واشنطن. ويشار أيضا في هذا السياق إلى أن سنغافورة وهي دولة يشكل فيها المسلمون أغلبية ضئيلة، قامت بتطوير خطوط إنتاج خلايا جذعية جنينية بشرية. أما أبحاث الخلايا الجذعية غير الجنينية فيتم إجراؤها في إيران والمملكة العربية السعودية وماليزيا وذلك حسبما تقول "أونا تشن" التي ترأس الجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية والتي تتخذ من مدينة "جايسن" في ألمانيا مقرا لها.
وهناك دول ومؤسسات علمية تؤيد كلا من أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية، وغير الجنينية، والاستنساخ العلاجي مثل تركيا، وأكاديمية البحث العلمي والت