تفجر من تحت الهدوء الظاهر فتيل التناقضات الذي ظل ينمو ويراعي نفسه طوال السنين الماضية في اليمن. وها قد حانت لحظة الحقيقة لنفتح أذهاننا قليلاً على ما أرادت الاحتجاجات التي تعرفها المدن اليمنية هذه الأيام أن تقوله علناً للجميع!
وإذا كان السبب المباشر وراء موجة الاحتجاجات الحالية هو قرار الحكومة اليمنية رفع الدعم عن المحروقات، مما تسبب في ارتفاع أسعارها بنسبة كبيرة ومن ثم في غلاء شمل كافة السلع فإن هناك أسباباً أخرى أعمق من ذلك بكثير هي ما تذكره التقارير الدولية الصادرة مؤخراً حول اليمن، حيث تجمع على أن ثمة تحديات جمة تواجه هذا البلد ستجعله مهدداً في القريب العاجل باضطرابات خطيرة قد تؤدي الى انهيار شامل!
وإذا كانت هذه التقارير تحاول إلقاء اللوم على ما تعتبره غياباً للحكم الرشيد، فذلك لكي تتبرأ المؤسسات الدولية من مسؤولياتها المباشرة فيما يحدث. ذلك أن أحد مصادر الغضب في الشارع اليمني يعود الى نتائج وآثار سياسات الإصلاح الهيكلي والتقويم الاقتصادي وما صاحبهما من عمليات الخصخصة وإنهاء الدعم التي فرضتها مؤسسات التمويل الدولية على البلدان النامية، ومنها اليمن، طوال العقدين الماضيين، وقد أدت هذه السياسات والبرامج إلى مزيد من الفقر. وهكذا فإذا كان للداخل وسياساته الرسمية نصيب من ذلك الإخفاق، فللخارج أيضاً مسـؤولية عما آلت إليه الأمور في اليمن!
اسماعيل نجيب-دبي