نشرت صفحات "وجهات نظر" الصادرة يوم الأربعاء الموافق 20 يوليو الحالي, عموداً صحفياً للدكتور علي الطراح, أورد فيه تحليلاً لخطر الراديكالية الإسلامية. وفي العمود تبنى الكاتب التسمية التي أطلقها بعض المحللين والكتاب الغربيين على هذا التيار "الخطر الأخضر" باعتباره بديلاً للخطر الشيوعي "الأحمر" في تبنيه خط مناهضة الرأسمالية الغربية وقيمها وثقافتها, على إثر انهيار الاتحاد السوفيتي ومعسكر دول حلف وارسو, ومن ثم إسدال الستار على فترة الحرب الباردة.
لكن وعلى الرغم مما يمثله التيار الأصولي الراديكالي من تهديد أمني للدول الغربية ومصالحها الأجنبية المنتشرة في مختلف أنحاء العالم, إلا أن المقارنة بين هذا التيار وما كانت تمثله دول معسكر حلف وارسو, ليست صحيحة من الأساس, وتقدم صورة غير حقيقية عن حجم وشدة التنافس والصراع بين القطبين الرأسمالي والشيوعي, علماً بأن هذا التنافس هو الذي شكل العلاقات الدولية في مجملها طوال فترة الحرب الباردة, فيما عرف بعلاقات الثنائية القطبية. ولا أظن أن أحداً يستطيع أن يفترض -ولو من باب المقارنة الشكلية- أن قوة الحركة الإسلامية الراديكالية, تستطيع أن تعادل وزن وحجم ما كان يمثله حلف وارسو في أي فترة من فترات الحرب الباردة.
هذه واحدة, أما الملاحظة الثانية على العمود, فتتلخص في قول الكاتب بحاجة المجتمعات العربية والإسلامية إلى "خليط من السياسة والدين" دون أن يحدد هوية ذلك الخليط ولا طبيعته. والمشكلة هنا أن التيار الراديكالي الأصولي الذي كال له المؤلف كلمات القدح والنقد, إنما يقوم أصلاً على فكرة هذا "الخليط" بين الدين والسياسة. ولهذا السبب, كان ضرورياً أن يوضح الكاتب فهمه وموقفه من هذا الخليط الذي دعا له, حتى يتمايز عن موقف وسلوك التيار الديني المتشدد الذي ينتقده.
جعفر الحسن -الرياض- السعودية