يبدو أن الساحة العراقية تفوقت على نظيرتها الفلسطينية من حيث زخم الأحداث وكارثيتها وأبعادها المتشابكة. التحليلات والتنبؤات تتمحور حول حرب أهلية عراقية تلوح في الأفق، وتفكيك الوطن العراقي إلى دويلات، وعلى أقل تقدير استمرار آلة الإرهاب الجهنمية في بلاد الرافدين. ما يخيف المرء هو أن أنباء العمليات الانتحارية في العراق باتت عنصراً يومياً في مستهل نشرات الأخبار، وصارت مشاهد القتل والسيارات المفخخة عملاً يومياً في هذا البلد العربي.
العراقيون يتحدثون الآن عن لجنة لصياغة الدستور، على أن يتم طرح الصيغة التوافقية لهذه الوثيقة الأساسية على الاستفتاء العام مطلع الشهر المقبل، وفي غضون ذلك تقوم الحكومة العراقية بجولات خارجية الهدف منها إفادة المجتمع الدولي أن العراق يتعافى.
مستقبل العراق بات هاجساً مخيفاً لدول المنطقة، فبعد أن احتلت أميركا بلاد الرافدين وبعد أن أصبحت الساحة العراقية مرتعاً للإرهابيين، لم يعد بمقدور دول المنطقة إلا المشاركة في أي خطوة من شأنها إحلال الأمن في هذا البلد، لأن شظايا الفتن المحدقة بالعراق ستطال الجميع، وستضع المنطقة على حافة استقطابات طائفية قد ينزلق إليها الجميع بلا استثناء.
العراق الآن يحتاج إلى جهد دولي مخلص لوأد الفتنة الطائفية المحدقة به، ويحتاج إلى وعي سياسي من العراقيين كافة بمواجهة الإرهاب والقوى المساندة له، كي لا يضيع العراق والعراقيون في دوامة الفوضي، وكي لا يتبدد حلم العراق الجديد على مذبح الطائفية ومصالح الآخرين, إقليمية كانت أو دولية.
أحمد ربيع- أبوظبي