تعتبر الحملة التفتيشية التي نفذتها إدارة الرقابة في وزارة الإعلام والثقافة خلال الأسبوع الماضي بمدينة العين، دليلا على جدية دولة الإمارات في تصعيد إجراءات تطبيق القانون ضد التجار المتعاملين في برامج الكمبيوتر غير المشروعة. كما أن تلك الحملة دليل ضد مخالفي حقوق المؤلف والمصنفات الفكرية، من مروجين ومستخدمين بأن هناك متابعة وملاحقة مستمرة من الدولة للحد من انتشار مثل هذه البرامج. وقد نجم عن هذه الحملة ضبط (83) شركة في مدينة العين وحدها، وهو رقم ليس بسيطا مقارنة بحجم السوق في المدينة، لأن انتشارها من شأنه الإساءة لسمعة الإمارات خارجيا. واللافت في هذه الحملة أنها لم تقتصر فقط على شركات الكمبيوتر والمحال المتخصصة بتداول البرامج، وإنما تعدت ذلك لتشمل أيضا المقاهي والمحال الخاصة بالصوتيات والمرئيات، فضلا عن مؤسسات الأنشطة الإعلامية، وهو دليل على انتشار "ثقافة" الاستهتار بالقوانين وعدم التقيد باللوائح والإجراءات الخاصة بتنظيم هذه السوق، كما أنه دليل على نشاط ورواج هذه التجارة، ما يؤكد أهمية تكثيف الحملات التفتيشية نحو الحد من هذه التجاوزات والسيطرة عليها. وتنطوي أهمية تفعيل الرقابة في هذه التجارة على عاملين مهمين: الأول، المكانة المتقدمة التي حققتها الإمارات في حماية حقوق المؤلف والمصنفات الفكرية، وهو عامل مهم في الحصول على ثقة المستثمرين في مجال صناعة التكنولوجيا والمعلومات. أما العامل الثاني، مخاطر انتشار مروجي الأقراص والبرامج المنسوخة نتيجة لدخول جنسيات آسيوية معروفة بنشاطها وفاعليتها في هذا المجال، فهو الذي يهدد مكانة دولة الإمارات بين الدول الأقل قرصنة في البرمجيات، كما أن لهذه الجنسيات طرقها الخاصة في الترويج لهذه البرامج وغالبا ما يزداد نشاطها في مناطق معينة ومعروفة في الدولة. فمن الأهمية بمكان أثناء القيام بحملات تفتيشية لمحاربة مروجي البرامج المزيفة، التركيز بشكل خاص على الباعة (البائعات) المتجولين فهم الأكثر نشاطا في الترويج للبرامج المستنسخة والأقراص المقلدة.
وتعد الإمارات، أحد أبرز النماذج الرائدة في مجال الحد من انتشار هذه التجارة ليس في منطقة الخليج فقط بل العالم بأكمله، وبالتالي فإن المحافظة على المكانة التي حققتها، حيث سجلت أدنى معدل في مجال البرامج المستنسخة, تستوجب تفعيل عنصرين مهمين كإجراء مساعد في مجال الحد من هذه الممارسات غير المشروعة وهما، إلزام الشركات والمحال الخاصة التي تتعامل مع برامج الكمبيوتر بأخذ البيانات والمعلومات الخاصة لمروجي هذه البرامج، كما هو متبع في بعض السلع مثل المجوهرات، مع تشديد العقوبة على من يخالف تلك الإجراءات. كما أن نشر الوعي التقني بفوائد استخدام البرامج الأصلية أمر يسهم هو الآخر في تضييق المجال أمام الشركات والأفراد الذين يتاجرون في هذه السلع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية