يبدو أن تزايد عمليات الغش والتدليس في السلع والبضائع في السوق الإماراتية، لم يعد مقتصرا على المواد الغذائية فقط، كما حصل قبل أيام، بل امتدّ الأمر ليشمل سوق الأدوية والصيدليات بإمارة أبوظبي ونتجت عنه مخاطر كثيرة، كما جاء في خبر لصحيفة محلية، عن تسجيل حالات وفاة لعدد من المستهلكين. ومن هنا فإن الواجب يدعو المستهلك الإماراتي إلى أن يكون يقظا وواعيا عند شرائه الأدوية. خاصة أن دولة الإمارات تشهد نموا ملحوظا لنشاط تجارة الأدوية ومنها، بالتأكيد، تجارة أدوية لعلاج الضعف الجنسي عند الرجال. ولشدّة رواج تجارة هذه السلعة، فقد دخلت الصيدليات والمراكز الطبية بالدولة في منافسة لجذب المستهلك، وبرزت على السطح عيادات تتعامل بالأعشاب وما يطلق عليه "الطب البديل"، التي انتشرت وتكاثرت كالفطر. ودفع هذا التنافس والإقبال الشديدان إلى زيادة عمليات التهريب خاصة من قبل جاليات من شرق آسيا (الفتيات الصينيات) تحديدا. فكثيرا ما يشاهدن وهنّ يتجولن "بالشنط" للترويج لهذه السلعة. ويتنقلن من محل إلى آخر، وعادة ما تكون السلعة إما منتهية الصلاحية أو مغشوشة، ولكنها تحمل "ماركة" عالمية. وبلا شك فقد أسهمت الصحف المحلية في تنامي ظاهرة الغش في الأدوية وذلك بالسماح بالإعلان عن تلك العيادات والعلاج الذي يمكن أن يحصل عليه المريض بطرق مختلفة, وتضخيم حجم الفائدة من هذه الأدوية مع التعتيم على الآثار السلبية لها.
وتؤكد حالات الوفاة التي كشفت عنها الحملة التفتيشية التي تنفّذها هيئة الخدمات الصحية في أبوظبي على الصيدليات الخاصة، الحاجة إلى التصدّي لمثل هذه التجاوزات بكل الوسائل والطرق. فالسوق المحلية تعاني من الانفلات لعدم وجود رقابة رادعة تمنع أصحاب الصيدليات من المتاجرة بالصحة العامة لأهم ثروة وطنية- البشر- وتعاني انعدام الوعي والتثقيف الصحي والطبي لدى الجمهور. فيجب ألا تمرّ حادثة "الصينيات الجائلات" اللاتي يروجن سلعهن المغشوشة، مرور الكرام.
إن حالة الغشّ في الأدوية ليست الحالة الأولى والطارئة على الدولة، فهناك حالات مثيلة كشفت في فترة سابقة، وبالطبع لن تكون الأخيرة، لأن السوق المحلية الإماراتية غارقة بكميات كثيرة من الأدوية المغشوشة نتيجة لسياسة الانفتاح الاقتصادي ونتيجة لضعف الرقابة الطبية على الأدوية التي تدخل الدولة، علاوة على عدم تقيّد الصيادلة بالتعليمات الصادرة إليهم بعدم صرف أدوية معيّنة من دون وصفة طبية، وهي خطرة على صحة الإنسان، كما أنها أحد أمثلة جشع التجار في تحقيق الربح دون وضع أي اعتبار للمحاذير الإنسانية والاجتماعية. ولوقف هذا الشبح الذي أصبح مخيفا ويهدّد صحة المستهلك الإماراتي لا بدّ من تضييق الخناق على مروّجي الأدوية، خصوصا أدوية الضعف الجنسي، وملاحقة الصيدليات عبر القيام بحملات دورية ومباغتة، فكثيرا ما تنتهي هذه الحملات في بدايتها، نظرا لأنها غالبا ما تأتي كردّ فعل وليس عن طريق مخطط منهجي مدروس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية