تحت عنوان "الإسلام الجهادي: الكبرياء الجريح وشلالات الغضب" نشرت "وجهات نظر" يوم السبت الماضي مقالا للكاتب توماس فريدمان حاول خلاله تفسير أسباب إقدام بعض المسلمين على تفجير أنفسهم واللجوء إلى "الإرهاب" كحل للتعبير عن استيائهم وغضبهم تجاه الغرب. وطيلة المقال حاول الكاتب تأكيد ما يعتبره هو حقيقية تعصب في الإسلام، وإن كان بكثير من المواربة خشية أن يفضح نفسه. أول ما قام به هو تفريقه بين الإسلام الشيعي والإسلام السني وربط بين هذا الأخير والإرهاب في محاولة مكشوفة منه لدق إسفين بين مكونات وعناصر العالم الإسلامي. وربما يكون نسي الأستاذ فريدمان أن ميليشيات الصدر المقاومة هي التي رفعت السلاح في وجه المحتل الأميركي ولقنته درسا بعدما كان المطلوب هو القبض عليه لإيداعه في السجن. وأنا لا أفهم كيف يشير الكاتب في مقالته إلى ما أسماه "بالحضارة السنية" ذلك أنه في كل مراجع التاريخ الغربية والعربية لا توجد سوى عبارة الحضارة الإسلامية، ولم يشهد التاريخ الإسلامي إلا حضارة واحدة انصهرت في بوتقتها كافة المذاهب والفرق الدينية. ثم يأتي فريدمان إلى اتهام الإسلام بالتعصب من خلال اعتبار أننا كمسلمين نرفض الديانات الأخرى ولا نعترف بها، وهذا أقصى درجات التجني على هذا الدين الحنيف. وهنا يجب تذكير الكاتب أن المسلم لا يكون مسلماً إلا إذا آمن بكافة الرسل والأنبياء لا يفرق بين أحد منهم. إن ما يحاول فريدمان فعله من خلال لعبته المكشوفة هو أن يقرن الإسلام بالإرهاب عن طريق الكلام عنهما معا في سياق واحد، وهو ينسى أو يتناسى أن السبب الحقيقي يكمن في ما يجري للمسلمين في جميع بقاع العالم من تنكيل وتقتيل ابتداء من فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان والفلبين، وما حدث من مجازر في البوسنة حيث مازالت ذكرى سربرينيتسا عالقة في الأذهان. ويبدو أن فريدمان، نسي كذلك الإشارة إلى عمليات تدنيس القرآن الكريم في جوانتانامو.
لماذا لا يتم ربط المسيحية بالإرهاب والتعصب عندما تحدث مثل تلك التجاوزات في حين نجد من يتربص للإسلام في كل شاردة وواردة؟ أليس هذا أدعى لفريدمان أن يطرح مثل هذا السؤال على نفسه ويكف عن توجيه الأسئلة الخبيثة إلينا؟ أنا لا أعرف كيف يمكن أن يقتل أكثر من 100 ألف مسلم في العراق و8 آلاف مسلم في البوسنة والآلاف المؤلفة من المسلمين في فلسطين من قبل اليهود دون أن يغضب مليار ونصف المليار مسلم في العالم.
عبد الرحيم المانوزي - فاس- المغرب