تتزايد الضغوط على سوريا من قبل الولايات المتحدة، التي، عاجلاً أم آجلاً، ستحاول التدخل في الشؤون السورية إما عن طريق عمل عسكري أو حصار اقتصادي. وعلى الرغم من أن أميركا دولة قوية جداً، فإنها تدرك أن الاتحاد الأوروبي، الذي يتنامى نفوذه، يشكل حجر عثرة في طريق مساعيها الرامية لتدشين ما يسمى بـ"الشرق الأوسط الكبير"، خصوصاً وأن الجالية العربية تتمتع بنفوذ لا يستهان به في أوروبا، لا سيما في فرنسا، وهذه الأخيرة يمكن اعتبارها، إلى حد ما، صديقة جيدة للدول العربية.
أميركا لا تستطيع استخدام القوة العسكرية ضد دول أوروبا، ليس بسبب قوة هذه الدول، ولكن بسبب غياب حجة لأميركا حتى تتدخل عسكرياً في هذه الدول. ولم نسمع أن الولايات المتحدة تريد تغيير نظام في أي من الدول الأوروبية وحتى الشرقية منها على اعتبار أن الدول الاشتراكية أو الشيوعية السابقة لديها سياسات لا تنسجم مع السياسات الأميركية. أميركا تريد تدشين "الشرق الأوسط الكبير"، والذي هو في النهاية يخدم حلم (اسرائيل الكبرى)، لأن واشنطن ليس لها أصدقاء في منطقة الشرق الأوسط أهم من اسرائيل، ولكن قبل ظهور الدولة العبرية لم يكن لأميركا أي أعداء في هذه المنطقة الاستراتيجية.
ولتوازن القوى في هذه المنطقة بالذات، على دول المنطقة العربية، وخصوصاً سوريا، توظيف واستثمار علاقاتها مع الدول الأوروبية، وخصوصاً فرنسا بتعديل كفة الميزان لصالح هذه الدول، ذلك لأن فرنسا محتاجة لسوق جديد وأيد عاملة ومواد أولية، وما تستطيع الحصول عليه في سوريا تحديداً من استثمارات لن تحصل عليه من أية دولة أخرى. وبالمقابل سوريا تستطيع الاستفادة من جميع الاستثمارات الفرنسية لتقفز القفزة النوعية التي تحتاج لها للشراكة الأوروبية- السورية.
بالإضافة إلى أن التعاون السوري-الفرنسي سيكون رادعاً يمنع أميركا من التدخل في الشؤون السورية لمدى كاف حتى يقال عن سوريا إنها أصبحت (دولة جديدة) تستطيع الوقوف في وجه الأطماع الأميركية- الاسرائيلية بقوة أكبر.
عماد دير عطاني- أبوظبي