منذ الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها لندن ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير يطرح رؤية عاقلة للغاية يفرق فيها بوضوح شديد بين الإسلام وبين أولئك الذين يرتكبون الجرائم باسمه·· وهو يلح على أن الاسلام بريء من الإرهاب وأصحابه وأن هؤلاء فئة منحرفة ضالة لا تمثل المسلمين في شيء·
وقد كرر ذلك بالأمس في سياق دعوته الى شن معركة ضد ما أسماه ''ايديولوجية الشر'' قائلا إنه ليس في الأمر صراع حضارات أو ما شابه· وهو توجه لا ينبغي أبدا أن يقف عند حدود 10 دوانينج ستريت بل يجب أن يتجاوزه ليشمل نطاقات أوسع في الشارع الغربي وبين وسائل الإعلام الغربية عموما· إذ أنه من الضروري الفصل الواضح عند معالجة تلك القضية الحساسة بين هذه الجرائم والإسلام ولا يصح أبدا الزج باسم الإسلام فيها· وغير ذلك يعني تهيئة أجواء احتقان لن تساعد بلير والمخلصين من شتى التوجهات في المعركة ضد ''ايديولوجية الشر''· وفي هذا السياق فإنه لو كان للعملية الإرهابية التي أوقعت في تركيا امس كثيرا من القتلى والجرحى من مغزى لكان الآتي ·· الإرهاب بلا لون ولا دين ولا ملامح محددة ··· ولا هو ينحصر في فئة من البشر دون غيرهم·
فالتفجير الانتحاري الذي يعتقد أنه نفذ بواسطة تركية فجرت نفسها، إنما يأتي ليؤكد أن ظاهرة الإرهاب والعنف بلغت من التعقيد والتشابك حدا يجعل من الصعب تفسيرها وتحليلها ··· أو حتى ردها الى عناصر أولية، قد تساعد في إطلاق أحكام قاطعة مانعة تنسحب على الكل· لقد أساء كثير من الإرهابيين للإسلام بما يقترفونه من جرائم في العراق أو بريطانيا والسعودية أو أسبانيا، ما في ذلك شك· وأصبح المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها عرضة للتمييز بل والأعمال الانتقامية غير المسؤولة في بعض الأحيان على خلفية ما يقع من هجمات إرهابية ذلك لأن مرتكبيها يسارعون للإعلان عن تنفيذها باسم الاسلام، والإسلام منها ومنهم براء بطبيعة الحال·
لكن عندما تقع عملية انتحارية إرهابية نفذتها تركيا من أجل قضية حقوق عرقية حسبما يبدو فإنه لابد من وقفة لتدبر الأمر· وهي في الواقع ليست الاولى من نوعها ولن تكون الاخيرة في معترك المواجهات بين الطرفين·
وإذا ما وضعت تلك العملية جنبا الى جنب مع تاريخ طويل من العمليات الارهابية وقعت على أراضي أوروبا·· كتلك التي حملت توقيعات جماعات من نوع الجيش الجمهوري الايرلندي وانفصاليي الباسك، ناهيك عن جماعات أقدم بعض الشيء مثل بادرماينهوف والألوية الحمراء والجيش الأحمر الياباني ··· فإنما يتأكد أن الربط بين الإرهاب والاسلام هو في الحقيقة جرم خطير من الطرفين··· من الجناة والآخرين الذين يستهويهم تصديق الدعاوى الخبيثة ضد ديننا السمح·