تجيء فكرة إنشاء قطاع التعليم الخاص ـ مدارس وجامعات ـ في دولة الإمارات وغيرها من الدول من منطلقين، يتمثل الأول في عدم استطاعة قطاع التعليم الحكومي تلبية لاحتياجات الطلب المتزايد من الطلبة ولعدم قبول الجامعات الحكومية لبعض خريجي الثانوية بسبب ضعف النسبة المئوية التي حصلوا عليها. أما المنطلق الثاني، فهو البحث عن حل لقضية ضعف التعليم الحكومي، وأيضا استمرار الشكاوى الدائمة من ضعف مخرجات هذا التعليم، ما يعني أن وجود مثل هذا القطاع هو خطوة اجتماعية ووطنية مهمة. ومن هنا جاءت موافقة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التربية والتعليم، على الاعتماد الأكاديمي لبرامج "جامعة العين" مؤخرا.
ويفتح قرار وزير التربية والتعليم فيما يخص (جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا)، الحديث عن دور التعليم الخاص بالدولة. فبدلا من العمل والمساهمة على إيجاد حل للمشاكل التي يعاني منها القطاع التعليمي الحكومي، نجد أن هذا القطاع نفسه يسهم في ترسيخ تلك المشاكل ويعمل على تعميقها ما يفسر عدم مقدرته على النهوض بالعملية التعليمية للتوافق مع احتياجات سوق العمل، كما هو متوقع منه. حيث انصب تركيز هذا القطاع - الذي يضم 460 مدرسة يدرس فيها 360 ألف طالب وطالبة- بشكل أساسي على تحقيق الربح المالي السريع بدلا من الانتباه إلى المشكلة الأساسية. وبات الأمر وكأنه معالجة خطأ أساسي بخطأ أكبر، حيث ظهرت مشاكل أخرى في هذا القطاع مثل الاعتماد على هيئة تدريس مستواها أقل من مستوى هيئة التدريس في القطاع الحكومي، وبعضهم غير متخصص، وتدني الراتب الذي يتم منحه للمدرس في القطاع الخاص, هذا إضافة إلى مخالفات المباني التعليمية. وربما التجارب القريبة مع هذا القطاع خير برهان، إذ أصبح يركز على الربح فقط من دون الانتباه إلى نوعية الخريجين ومستواهم التعليمي. ويتمثل التحدي الحقيقي للتعليم الخاص بالدولة في تحقيق الربح المادي وتوفير تعليم متميز يلبي احتياجات المجتمع ويواكب مستجدات العصر ومتطلباته. فالربح مسألة مشروعة وضرورية لاستمرار هذا القطاع باعتبار أنه يقوم على تطوير نفسه من خلال الاستثمار المالي والربح, إلا أن ما أوضحته التجارب السابقة لهذا القطاع تشير إلى أن هناك فرقا بين الربح الذي تقتضيه طبيعة هذا القطاع وبين التجارة في العلم وهو ما يلجأ إليه التعليم الخاص في المقام الأول.
إن أهمية التعليم الخاص الذي هو جزء من المنظومة الوطنية بالدولة، يدفعنا إلى المطالبة بالتركيز على أهمية الجمع بين المتطلبات التعليمية مع مراعاة هامش الربح الذي يجب أن تحققه من خلال الاستثمار في هذا القطاع، وعليه فإنه مع ختام العام الدراسي الحالي والاستعداد لعام دراسي جديد، يصبح من الأهمية بمكان التأكيد أن تعظيم الفائدة من الاستثمار في التعليم يستوجب وضع ضوابط تنظيمية، ومراقبة العمل فيه خاصة أن مصلحة الدولة تتطلب تشجيع القطاع الخاص بالاستثمار في قطاع التعليم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية