ذلك هو الدم، فخذوه إلى شفاهكم، قبلوا شهوة الموت وعانقوا ما كان أملكم المغري... فماذا علينا نحن أبناء الحضارة الإنسانية الذين ابتغينا أن ينتظمنا ذلك الوصف، أن نتوقع منكم يا أصحاب الحلم الدموي، غير منظر دموي وفعل دموي وبرنامج دموي وإنجاز دموي... بل أيديولوجيا دونت فصولها بالدم ومحفزات إراقته القاطعة؟! نحن نعرف على كل حال أن صباح الخميس اللندني الأخير ليس في كل الأحول سوى فقرة ناعمة من سفركم الأيديولوجي ذي اللون الأحمر الفاقع! لكن كيف تظنون بأنفسكم؟ وماذا تتوقعون منا إذا لم نلعق الدم أو نتذوقه بنشوة؟ ذلك فعل يدل على فاعله، ولا فاعل أولى منكم بذلك الفعل. أنتم على عدوة إذن ونحن على العدوة المقابلة، فمن ذا الذي لا يرى الآخر؟ إنكم عراة وإن لبستم الظلام، ظلام الليل وما حيك فيه من دسائس ومؤامرات! إنكم بالتأكيد لا تملكون أدنى حد من البصيرة، فليس في ظاهرنا إذن ما يثير الخجل طالما لا يرانا أحد!
أعزائي، أيها الناس في لندن! لا تدعوا للخوف في قلوبكم مكانا يتجاوز حجم الذين أزعجوا صباحكم الجميل، فالذي يفعل فعلا ثم يهرب أو يموت بإرادته، إنما فعل ذلك لأنه يشعر بخجل ماحق من فعله، ليس كخجلنا أو خجل الأطفال، لكنه خجل من هو في تاريخ ذاته محترف لصناعة الألم والموت والحزن. دعوا له الموت، دعوا له الألم، دعوا له الحزن... إن كان للحزن من مكان بين جوانحه!
عبير دراج سيد- الدانمارك