من الطبيعي أن تثير أي محاولات لتغيير أي واقع الكثير من المعارضة ومن ردود الأفعال المختلفة، منها ما هو موضوعي، ومنها ما هو ليس كذلك. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، لا شكّ في أن محاولة تغيير واقع سوق العمل سيستفزّ جهات مختلفة، إذ أن تناقضات سوق العمل أصبحت، تشكّل مصالح مكتسبة للبعض، فيما هي ضد مصالح البعض الآخر. وما يزيد من صعوبة مهمّة التغيير أمام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، في الوقت الراهن، علاوة على ردود الفعل الداخلية المتباينة، أن هناك متابعة إعلامية دولية حثيثة لمتغيرات سوق العمل الإماراتي، وهو الأمر الذي يمكن تفسيره من خلال ثلاثة معطيات رئيسية: الأول، التقارير الدولية المختلفة التي باتت تتابع مسألة حقوق الإنسان وحقوق العمل في دول عديدة. والثاني، أن حقيقة تنوّع جنسيات العاملين، في الدولة، يجعل إعلام دول أولئك العاملين مهتمّاً أيضا بمتابعة سوق العمل الإماراتي. والمعطى الثالث، أن الإمارات هي المركز الإقليمي لكثير من وسائل الإعلام العالمية، ما يجعل ما فيها من أحداث تحت الأضواء دائما. ومن هنا فمن البديهي أن الوزارة تحتاج للأخذ بالاعتبار ردود الفعل محليا ودوليا على أي قرار تتخذه.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، أثار قرار الوزارة حظر عمل العمال تحت الشمس في أوقات الظهيرة، معارضة وتبرّما من المستثمر المحلي، فيما حاولت وسائل الإعلام، ومنظمات العمل وحقوق الإنسان، ومراكز البحث العالمية، تصوير القرار على أنه استجابة من الوزارة للضغوط الدولية، ولتقارير دولية ناقدة لواقع سوق العمالة الإماراتي، ولم يتم النظر للقرار على أنه تعبير عن أجندة وطنية لإصلاح سوق العمل. هذا كله يزيد من أهمية التخطيط الإعلامي في الوزارة، وممارسة نوع من التسويق للقرارات المختلفة، وفق خطة إعلامية يقوم عليها متخصصون في الإعلام المحلي والدولي، وفي مجال العلاقات العامة. فمحليا يبدو واضحا أن أي قرار سيكون من الأسهل تنفيذه، إن سبقته عمليات تمهيد مدروسة، من نوع الاتصال والتشاور مع المعنيين من مؤسسات وأرباب عمل، بما يجعلهم شركاء في اتخاذ القرار، وملزمين بالتالي بتنفيذه. كما أن تسليط الضوء على المشاكل المختلفة، إعلاميا، يوجد رأيا عاما يتقبّل القرارات الجديدة ويدعمها. ودوليا، لا بد من عدم انتظار الإعلام العالمي للبحث وتغطية القرارات والتطورات المختلفة من منظوره، بل المبادرة لصياغة بيانات صحفية، بلغات مختلفة توضح كل قرار، ودوافعه الذاتية الوطنية، ويوضح خلفيات وتاريخ أي قرار، بما يؤكد منطلقاته الوطنية، وبما لا يسمح بأن يكون إصلاح أي وضع مختل، مجرد مناسبة للإعلام العالمي لتسليط الضوء على سلبيات معيّنة، مع اختزال سجل الدولة الإيجابي في التنمية، والانفتاح الاجتماعي، واحترام حقوق الإنسان، وتوفير الدعم والمساعدة، وفرص العمل لكثير من الساعين لها حول العالم.