تكشف العملية الإرهابية التي استهدفت أمس الياس المر نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع في الحكومة اللبنانية المستقيلة كيف أن ثمة قوى تدفع بلبنان حثيثا الى هاوية الفوضى وعدم الاستقرار بأي ثمن كان· لقد نجا المر بأعجوبة من موت محقق كاد ينال منه وهو في طريقه لمقر الوزارة ببيروت في عملية أشبه ما تكون بجريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري· ومحاولة اغتيال المر المحسوب على سوريا وصهر الرئيس اللبناني اميل لحود وما سبقها من جرائم اغتيال نالت من شخصيات لبنانية بارزة بعضها محسوب على المعارضين لسوريا وللرئيس لحود إنما تعني مع ما رافقها من حوادث عنف وإرهاب أنه لا الحريري ولا أحد من باقي الضحايا كانوا هم المقصودين بالأساس مما جرى بل إن المقصود والمستهدف فيما يبدو هو لبنان برمته·
وإن شئنا الدقة فإن ضرب استقرار لبنان وأمنه إنما يعني ضرب أمن واستقرار المنطقة وهذا هو ما ترمي اليه على الأرجح خطط شريرة تتضح ملامحها يوما بعد الآخر على جثث الضحايا وبقايا السيارات المفخخة وحطام التفجيرات·
إن تاريخ هذا البلد العربي الصغير يكاد أن يكون سلسلة من حوادث الاغتيال والعنف التي تفصل بينها فترات استراحة تتداعى فيها التطورات استعدادا لعملية اغتيال جديدة في الطريق ·· وقراءة سريعة للتاريخ العربي الحديث تكشف كيف أن لبنان كان دوما المعمل الذي تختبر فيه التفاعلات السياسية والمعادلات الدولية قبل تفعيلها على نطاق اكبر في العالم العربي· بمعنى آخر عواصف التطورات السياسية في العالم العربي تظهر نذرها مسبقا في لبنان· الأمر إذن خطير واللبنانيون عامة في مواجهة تحد رهيب الآن· وعندما لا يصبح هناك من مفر أمام السياسيين اللبنانيين كافة إلا التحرك وبسرعة لوأد المخططات الشريرة فإن عليهم أن ينصتوا لصوت العقل والحكمة وأن ينحوا الخلافات الصغيرة والحسابات القصيرة وأن يضيعوا الفرصة على من يريدون بهم شرا لأن الجميع مستهدف الان· ولأنهم اذا ما عملوا من أجل تجنب الانزلاق الى هاوية الفوضى وعدم الاستقرار فإنما هم بذلك يساهمون في الحيلولة دون مزيد من زعزعة الاستقرار في العالم العربي·
في الوقت نفسه مطلوب من كل العقلاء والمخلصين في العالم العربي ألا يتركوا لبنان فريسة سهلة لأصحاب الخطط الشريرة· وأن يبذلوا كل جهد ممكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وسد ثغرة جديدة في الجسد العربي هو في أشد الغنى عنها·