تحت عنوان "الإرهاب يأتي من أقرب حلفائنا" نشرت وجهات نظر يوم الأحد الماضي مقالاً للمحلل السياسي الأميركي "بيتر بيرجن"، تناول فيه مسألة الإرهاب ومنابعه التي ينهل منها، وفي تعقيبي على هذا المقال أرى أنه بعيد العمليات الإرهابية عادة ما يتم توجيه اللوم إلى الدول العربية والإسلامية على اعتبار أنها مرتع خصب لتفريخ الإرهابيين الذي يضربون الغرب ومصالحه ويقتلون الأبرياء في أوطانهم. المحللون الغربيون غالباً ما يوجهون اللوم كذلك إلى المنظومة التعليمية في البلدان الإسلامية ويكيلون لها التهم معتبرين أنها لا تعلي من شأن العقل وتفتح المجال أمام التعليم الديني المنغلق الذي لا يسهم إلا في انسداد الأفق وتغييب الحوار كشرط أساسي في حل النزاعات وتحقيق التعايش المشترك بين باقي الحضارات.
بيد أن الهجمات الإرهابية البغيضة التي هزت العاصمة البريطانية لندن يوم الخميس الماضي، بالإضافة إلى اعتداءات أخرى حصلت في مدن غربية تشير إلى حقيقة مغايرة مفادها أن العناصر الإرهابية تلقت تعليمها في الجامعات الغربية، وهي غالبا ما تحمل جنسيات غربية. هذا الوضع يثير العديد من الأسئلة التي حاول كاتب المقال الإجابة عنها. وفي هذا الصدد أجدني متفقاً مع الكثير من الأطروحات التي أوردها لتفسير الظاهرة. فمن وجهة نظره تعاني الجالية المسلمة الكبيرة المقيمة في أوروبا من مشكلة الاندماج، حيث لم تستطع أن تلتحم بنسيج المجتمع وبدأت تشعر بالاغتراب في وسط يفترض أن يكون وطنها. وهو ما ساهم في تفشي الفكر الأصولي بين صفوفها، وعجل في وقوعها فريسة للحركات المتشددة التي تسعى لاستقطاب الشباب وتسخيرهم لتنفيذ الهجمات الإرهابية. إلا أنه يجب ألا ننسى مسؤولية الدول الأوروبية التي فشلت في توفير الحياة الكريمة لشريحة واسعة من مواطنيها وتركتهم نهباً للبطالة والفقر مما سهل من مهمة الفكر المتطرف في التغلغل بين صفوف الجالية المسلمة في أوروبا وتحقيق أهدافه الشريرة.
عبد اللطيف البحراوي- طنجة- المغرب