نصت "خريطة الطريق" على أن هدفها هو تسوية شاملة ونهائية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بحلول العام 2005 الذي تأجل إلى العام 2006. وكانت مبادرة السلام العربية التي أصدرها مؤتمر القمة في بيروت في 29/3/2002 قد أقرت بهذه الخطة دون أن تذكرها. وكان مؤتمر القمة العربي الثاني عشر قد أقر مثل قرار بيروت مع اختلاف في بعض التفصيلات. وكانت قد بدأت الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سلمية بين العرب واليهود في فلسطين في فترة الانتداب الإنكليزي متخذة أسلوب "الكتب البيضاء". وهنا ظهرت مدرستان فكريتان دعت الأولى إلى تسوية تحترم المبادئ والأسس التي اعتبرتها عادلة مثل: حق الشعوب في تقرير مصيرها.عدم قبول الاستيلاء على أراضي الغير عن طريق الحرب... في حين أن المدرسة الفكرية الثانية دعت إلى تسوية يتم التوصل إليها بمعرفة الأطراف المعنية عبر عملية سلام تعود إلى وضع شروط التعايش العربي- اليهودي المستقبلي في فلسطين. وطبقاً لهذا المنطق يقتصر دور "الأطراف الخارجية" على مساعدة "أطراف الصراع" على التوصل إلى تسوية من خلال الوساطة النشطة.
وقد اختصر الرئيس جورج بوش الابن مجلس الأمن باللجنة الرباعية المؤلفة من روسيا الاتحادية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة. اللجنة التي نالت تأييد الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل وتحميها جعلت إنجازات هذه اللجنة "هشة".
لقد أصبح أسلوب المفاوضات المباشرة مع العرب وبخاصة الفلسطينيين عنصراً رئيساً في المواقف الإسرائيلية، وبخاصة بعد عدوان 5/6/1967 التي اعتبرها جورج بوش الابن حرباً وقائية دون أن يدرج ذلك في خريطة الطريق. وقد عبرت إسرائيل، عن اعتقادها بأن منطقة الشرق الأوسط ليست محمية دولية, وإنما هي مجموعة من دول ذات سيادة تقع عليها مسؤولية تحديد الشروط للتعايش فيما بينها. ومن هنا جاءت خريطة الطريق محددة دولاً ذات سيادة بما فيها إسرائيل التي تعارض فكرة الوساطة الخارجية وتحبذ التفاوض المباشر. وطبقاً لمسؤول حزب العمل السابق إيجال آلون فإن على العرب أن يدركوا أنهم لن يهزموا إسرائيل في ساحة القتال... وعلى القوى العظمى ألا تحاول فرض تسوية سلمية من خلال ممارسة الضغوط على إسرائيل.
على ضوء ما سبق، عبرت الدولة العبرية بوضوح، منذ نهاية عدوان 5/6/1967 عن معارضتها لإمكانية التوصل إلى تسوية للصراع في إطار الأمم المتحدة أو بواسطتها. وهذا هو موقف إسرائيل من المنظمة الدولية التي تبنت المواقف العربية والفلسطينية على اعتبارها مواقف عادلة مثل: انسحاب إسرائيل من "كافة" الأراضي التي تم احتلالها في يونيو 1967 والاعتراف بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين. ولذلك لم تقبل إسرائيل تطوير مهمات مبعوث الأمم المتحدة بأي شكل من الأشكال، سواء من خلال تفسير مهماته أو تطويرها من قبل مجلس الأمن، أو عن طريق قرارات تفسيرية تصدرها الجمعية العامة... ولهذا أصدرت إسرائيل في أكتوبر 1984 وثيقة عنوانها "الأمم المتحدة ضد إسرائيل" تضمنت الكثير من الانتقادات الإسرائيلية للمنظمة الدولية بأنها تفتقر إلى الحياد نتيجة تبنيها أسلوباً يهدف إلى سحب الشرعية عن وجود الدولة اليهودية وإصابتها بالشلل بفعل التجمع العربي- السوفييتي (السابق) مضافاً إليه دول العالم الثالث. وهكذا –حسب قول الوثيقة- فتحت الأمم المتحدة أبوابها للإرهابيين.
إن قراءة الوثيقة المشار إليها تثبت بما لا يدع مجالاً للشك مدى حرص إسرائيل على استبعاد إمكانية قيام المنظمة الدولية بدور فعال في تسوية الصراع في الشرق الأوسط. إن المساندة الأميركية لإسرائيل وقفت حائلاً دون تمكين مجلس الأمن من اتخاذ قرار يتعارض مع مصالح الدولة العبرية أو يجبرها على التراجع عن مواقفها المتشددة وانتهاكاتها المستمرة للحقوق العربية والفلسطينية وبخاصة إصرارها على احتلال الضفة الغربية ورسم الحدود. ومصير القدس ومصير اللاجئين. ويدعو مشروع خطة الطريق الدول العربية - كما دعاها قرار قمة بيروت - إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.