لقد دفع العراقيون ثمنا باهظا، في ظل الأنظمة الشمولية الاستبدادية المركزية، وليس من المعقول أن تتكرر التجربة مرة أخرى، كما أنه من غير المعقول ألا يفكر العراقيون ببدائل جديدة من أنواع النظم السياسية القائمة في هذا العالم، للحيلولة دون تكرار تجارب الاستبداد.
والفيدرالية، هي واحدة من أفضل التجارب على هذا الصعيد، والتي ساعدت شعوباً كثيرة، على تجنب التورط مع الاستبداد، وبناء أنظمة ديمقراطية مستقرة. أما من يتصور أن الفيدرالية هي مقدمة مشروع تقسيم، فإنه، برأيي، على خطأ، لأن مشاريع التقسيم، عادة، لا تعتمد على نوع النظام السياسي، وإنما تستند إلى إرادة ما، سواء كانت داخلية أم خارجية، وهو الأمر السالب بانتفاء الموضوع في الحالة العراقية.
بل العكس هو الصحيح، فإن أية مركزية جديدة في العراق، ستفضي إلى تقسيمه، أو على الأقل تهديده بذلك، لأن العراقيين لا يمكن أن يتحملوا المزيد من التهميش والتمييز والتقتيل على أساس الهوية والانتماء، وكل ذلك من مميزات الأنظمة المركزية، التي تتجبر عادة بمجرد أن تتحكم بالسلطة المركزية.
نزار حيدر- واشنطن