أتفق إلى حد كبير مع ما ذهب إليه الدكتور خالد الدخيل في مقاله المعنون "الليبرالية والأيديولوجيا" المنشور في هذه الصفحات يوم الأربعاء الماضي، وخصوصا النقطة التي يقول فيها إن نصيب "الفردية" في المجتمعات والثقافة العربية ضعيف جداً، وإن الواقع العشائري والطائفي الذي تعيشه معظم المجتمعات العربية يحول دون إتاحة مساحات الحركة أمام المبادرات الفردية التي تعتبر أساس النظام الليبرالي. وفي الحقيقة أن هذا الكلام صحيح مئة في المئة. وفي الحقيقة أن الحداثة في الدول العربية تقتصر في معظم الأحيان، على العاصمة أو على نخبة محدودة في العاصمة وعواصم الأقاليم والمحافظات الكبرى في الدول العربية. أما باقي المحافظات فهي تعيش مرحلة ما قبل الحداثة وتتفشى فيها العشائرية والطائفية إلى حد كبير. أتفق أيضا مع الدكتور الدخيل في أن جميع الأيديولوجيات العربية سواء القومية أو الليبرالية أو الاشتراكية أو الشيوعية مستوردة من الغرب والأيديولوجيا الوحيدة النابعة من المنطقة هي الأيديولوجيا الإسلامية، ولذلك لم يكن غريبا أن تلتف الشعوب العربية حول هذه الأيديولوجيا، باعتبارها الأكثر تعبيرا عن هويتها في صراعها مع الغرب.
يجب ألا نخدع أنفسنا وأن نعترف بأننا نستورد كل شيء من الغرب، الذي تخلفنا كثيرا عنه، وأننا سنحتاج إلى وقت طويل حتى نتقدم مثله في الوقت الذي يكون هو قد تقدم بخطوات أكثر سرعة مما يعني أننا سنظل نلهث وراءه إلى الأبد. لقد ضيعنا لحظة تاريخية كانت بمثابة الأمل الأخير في اللحاق بالغرب المتقدم، وهذه اللحظة كانت في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي. وإذا ما اخترنا مصر كنموذج للتدليل على صحة ذلك فإننا نقول إن مصر كانت في ذلك الوقت تتفوق على دول مثل كوريا الجنوبية وماليزيا، وعلى نفس المستوى الصناعي تقريباً مع الهند، ولكن الحروب التي خاضتها مصر أعاقتها عن التقدم وأخرتها كثيراً، في حين واصلت كوريا الجنوبية وماليزيا والهند ودول أخرى طريقها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من تقدم وازدهار.
محمود عبدالكريم- الشارقة