في مقالته "خرافة الغزو الثقافي"، المنشورة في "وجهات نظر" الثلاثاء 5-7-2005 سخر د. البغدادي من القول بفضل الحضارة الإسلامية على أوروبا، وذهب إلى أنَّ الغزو الثقافي خرافة بدليل أنَّ المسلمين الأوائل لم يذكروه كما لم يذكره الأوروبيون الذين نقلوا العلوم الإسلامية، ونسب المقولة إلى التيار الديني الذي حمله أيضاً وقف المد الحضاري الذي جاءت به الحملة الفرنسية، وانتهى إلى أنَّ الغزو الثقافي نتيجة لضعف الأمة الثقافي والفكري الناتج من اقتصار تنفسها على الفكر الديني، إلى غير ذلك من المزاعم التي يمكن دفعها بما يلي:
أولاً: إنَّ فضل العرب على أوروبا ليس موضع جدل، ويكفي الإشارة إلى ما كتبه بعض المستشرقين من أمثال: زيغريد هونكه، ومونتجمري واط، وبريفولت وغيرهم، مع الإقرار بأنَّ اجترار هذا الفضل التاريخي والعيش عليه لن يجدي نفعاً الآن.
ثانياً: إنَّ الغزو الثقافي حقيقة لا خرافة، وله وسائلة ومظاهره، من الاستشراق والتنصير، ونشر الليبرالية والعلمانية ومحاربة اللغة العربية.. إلخ، وحتى داخل المنظومة الغربية يشكو الفرنسيون من خطر ثقافة "الكاوبوي" الأميركية التي تهدد ثقافتهم الراقية وذوقهم الرفيع.
ثالثاً: لم يذكر المسلمون الأوائل الغزو الثقافي لأنَّهم لم ينقلوا ثقافات الآخرين بل نقلوا علومهم وتجاربهم، كما أنَّ أوروبا استفادت من العرب العلوم التجريبية والمنهج العلمي. ولم تنقل ثقافة المسلمين، وقيمهم ولذا لم يرد ذكر للغزو الثقافي لدى الفريقين.
رابعاً: يخلط الدكتور بين العلم والثقافة، والتبادل الثقافي والغزو الثقافي، فبينما العلم والتبادل الثقافي ينبغي تشجيعهما والسعي إليهما، ينبغي الحذر من الغزو الثقافي ومواجهته.
د. أحمد الجلي- جامعة أبوظبي