بلغت أول حصيلة من الشركات المخالفة لقرار وزير العمل والشؤون الاجتماعية، الدكتور علي عبدالله الكعبي، والقاضي بمنع تشغيل العمال في الأماكن المكشوفة خلال ساعات الظهيرة لأول يوم تفتيش في إمارة أبوظبي 50 شركة فقط، وهو رقم صغير مقارنة بحالة الفوضى والعشوائية التي يعيشها هذا القطاع، والمؤشرات حوله تشير إلى أن الأيام المقبلة ستشهد مزيداً من الشركات المخالفة. ومن جانب ثانٍ، فقد كشفت ردة فعل أصحاب العمل، في هذا القطاع، عن عدم إلمامهم بالاستحقاقات الدولية على دولة الإمارات من الاتفاقيات الدولية المتمثلة في منظمة العمل الدولية، وما يمكن أن يترتب على الدولة من آثار سلبية نتيجة لعدم مراعاة حقوق هذه الفئة من العمال، حتى وإن كانت قابلة بتلك الظروف، كما يصرح به أصحاب هذه الأعمال. فسجل قطاع المقاولات بالدولة مليء بالتجاوزات والمخالفات الصحية والأمنية، ما يؤكد أن التزامها بالقرار الجديد أمر مشكوك فيه من واقع خبرة التعامل مع هذا القطاع. ويحسب لوزير العمل والشؤون الاجتماعية ذلك القرار الإنساني والحضاري وإن كان قد جاء متأخراً بعض الشيء، إلا أنه لامس حاجة فئة عانت كثيراً - العمل لفترات طويلة تحت أشعة الشمس وعدم حصولهم على رواتبهم بشكل منتظم، السقوط من بنايات عالية لفقدان عنصر الأمان وغيرها من المخالفات - من دون أن يقوم أصحاب العمل بمراعاة ظروف العمال ومؤخراً أعلنت دائرة صحة دبي، بأنها تستقبل خلال شهري يوليو وأغسطس من كل عام 700 حالة طارئة بسبب الإعياء الحراري وضربات الشمس، ما يؤكد أهمية القرار بالنسبة إلى سمعة دولة الإمارات في المحافل الدولية.
ويتمثل التحدي الذي سيواجه القرار الجديد في عاملين الأول، تفعيل التفتيش العمالي لهذا القطاع. والثاني، استمرار ذلك التفتيش بقوة، وبالحيوية التي بدأها، فكثير من القرارات الصادرة عن الوزارة لا تنقصها النصوص والتشريعات، ولكن غياب المراقبة ومتابعة تنفيذها على أرض الواقع، يجعلها أسيرة "الأدراج". فقوة قرار وزير العمل، تستوجب زيادة وتطوير وتفعيل التفتيش من حيث توفير الكوادر البشرية اللازمة وإمدادها بالإمكانيات المساعدة لها في أداء عملها على أكمل وجه. لأن المشاريع الإنشائية والعمرانية التي تعمل فيها هذه العمالة متفرقة في الدولة، بل إن استمرارية التفتيش في فترات مختلفة أمر ضروري، فهذا القطاع لا يألو جهداً في اختراع التجاوزات.
إن نقص عدد المفتشين العماليين وعدم تزويدهم بالإمكانيات التي تساعدهم في إنجاز مهمتهم، قد يؤديان إلى تعثر خطوة طالما انتظرها الكثيرون من أجل ضبط قطاع المقاولات بالدولة، فلنجاح الخطوة ولتعظيم مردود الفائدة منها، يجب دعم إدارات التفتيش العمالي بما يحتاجه من إمكانيات بشرية ومادية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية