تحول العراق الى مستنقع لمختلف أشكال العنف والفوضى العارمة· ويوما وراء الآخر تكشف التطورات هناك عن وجه أكثر قسوة وأشد بشاعة للحالة التي قد يفضي إليها انفلات الامن وانعدام الاستقرار.
واختطاف الدبلوماسي المصري ايهاب الشريف في بغداد أمس إنما هو حلقة جديدة في المسلسل الدامي الذي يتواصل عرضه في شتى أنحاء العراق بلا انقطاع دونما رحمة او شفقة بالعراقيين وما آل اليه حالهم.
ومع انه ليس ثمة ما يشير بدقة الى أسباب من أقدموا على هذه الخطوة، خاصة وانه لم يعلن أحد عن مسؤوليته عنها حتى الان، الا انها على الأرجح رسالة ذات مغزى لأكثر من طرف.
الأول، هو القاهرة التي كانت في طريقها لزيادة مستوى تمثيلها السياسي في بغداد الى درجة سفير، لتكون أول دولة عربية تتبادل السفراء مع عراق ما بعد صدام، وهو أمر لم يكن هو الآخر سيخلو من مغزى يصب في مصلحة العراق والعراقيين.
الثاني -وهو الأهم- باقي الدول العربية، التي قد يمضي البعض منها على طريق تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع العراق الجديد ليخرج من عزلته ويعود الى محيطه العربي·
فعودة العراق سريعا الى شبكة علاقاته التقليدية مع الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية -على الاقل- وفي سياق الظروف القائمة، انما ستعني بالأساس تبديد ضباب كثيف يتخفى فيه البعض ممن لا يريدون خيرا للعراق، ناهيك عن انها ستحرمهم من خطاب فيه من الاضاليل الكثير على غير ما يدعون·
اذن الهدف واضح لا لبس فيه··· فليبق العراق معزولا، منبوذا، مريضا، يخشى الآخرون الاقتراب منه· وليبق العرب بعيدا عن بغداد بالدرجة التي لا تساعده على التعافي·
وهذا بالضبط هو ما يريده اولئك الذين خطفوا الدبلوماسي المصري، وهم يستوون في ذلك مع آخرين ممن يقتلون وينهبون ويعيثون فسادا في بلاد الرافدين·
لقد صار من الواضح انه يراد للعراق من البعض أن يكون دولة فاشلة من الطراز الصومالي، وهم لا يعدمون الوسيلة ولا يردعهم وازع لتحقيق ذلك، مما يلقي على عاتق العراقيين والعرب أنفسهم مسؤولية أكبر للحيلولة دونه·