صرح جون ميلر – مدير مكتب الخارجية الأميركية المعني بمراقبة مكافحة الاتجار بالبشر- بأن نصف ضحايا هذه التجارة, ربما يكونون من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً. ويعد الأطفال عموماً, محوراً رئيسياً لهذا النوع من التجارة, التي تعد بدورها قضية رئيسية من قضايا حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين. صحيح أنه من الواجب أن يكون الأطفال في قلب اهتمامات وقضايا حقوق الإنسان, غير أن هذا الاهتمام يجب أن يبدأ بالأطفال المحتجزين في السجون الأميركية, في كل من أفغانستان والعراق وسجن جوانتانامو. فوفقاً لنصوص القانون الدولي, فإن الحد الفاصل بين سن الرشد والطفولة هو عمر 18 سنة. لكن ومن خلال الاتصالات والمتابعة مع كل "منظمة العفو الدولية" ومنظمة "هيومان رايتس ووتش", فقد لجأت وزارة الدفاع الأميركية ,إلى خفض هذه السن إلى 16 عاماً فحسب.
ولهذا السبب فإننا لا ندرك على وجه الدقة والتحديد, كم عدد الأطفال العراقيين, المحتجزين لدى القوات الأميركية. بيد أن تقارير منظمة الصليب الأحمر الدولية, أشارت إلى تسجيل نحو 107 مساجين في السجون العراقية, تقل أعمارهم عن 18 عاماً, خلال زياراتها للسجون العراقية التي كانت تديرها قوات التحالف الدولي هناك. يضاف أن هذه الزيارات كانت قد تمت قبل انتقال السيادة والسلطة إلى يد العراقيين قبل عام من الآن. وقالت المنظمة إن أعمار بعضهم لا تزيد على 8 سنوات! ومنذ ذلك التاريخ, تواصلت تقارير منظمة "هيومان رايتس ووتش" التي تقول إن عدد هؤلاء, ظل في ازدياد مطرد. والأكثر إثارة للقلق, أعداد هؤلاء المعتقلين في السجون الأفغانية.
فقد كتب الصحفي سيمور هيرش الشهر الماضي لصحيفة "الجارديان" البريطانية عن أن مذكرة وجهت إلى وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد, بعيد عام 2001 بقليل, تشير إلى احتجاز ما يتراوح بين 800-900 من الأطفال الباكستانيين, ممن تتفاوت أعمارهم بين 13-15 سنة في السجون الأفغانية. وسواء في سجن أبوغريب أم في قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان, فإن السجناء والمعتقلين الأطفال, يخضعون للمعاملة ذاتها التي يخضع لها السجناء الراشدون. وتوصلت كل من منظمة العفو الدولية ومنظمة الصليب الأحمر, بل ووزارة الدفاع الأميركية نفسها, إلى أدلة ومعلومات دامغة, تؤكد تعرض السجناء الأطفال لممارسات التعذيب. وقد تعززت هذه الأدلة بشهادة الجنود الذين إما شهدوا تلك الممارسات, أو أنهم مارسوها بأنفسهم.
ووفقاً لإفادات منظمة العفو الدولية, فقد جرى اعتقال الطفل محمد إسماعيل أغا, البالغ من العمر 13 عاماً, دون محاكمة أو توجيه تهم محددة له, لمدة تزيد على عام كامل. وكان قد جرى اعتقاله أولاً, في سجن قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان, ثم ثانياً في سجن جوانتانامو. وتعرض السجين الطفل للتعذيب والحبس انفرادياً مع حرمانه من النوم. وأفاد آغا بقوله "كلما نعست وكدت أغفو, فإنهم ينقرون على بابي ويصرخون, طالبين مني أن أصحو". وأضاف الطفل قائلاً, إنهم كانوا يطلبون منه أن يقف في هيئة انحناءة نصفية, بحيث تكون ركبتاه مثنيتين, لمدة ساعة كاملة في هذا الوضع أو ساعتين. أما الكندي محمد خضر, فقد كان عمره 15 عاماً عندما جرى اعتقاله في أفغانستان, ثم إرساله بعد ذلك إلى سجن جوانتانامو. وعلى امتداد عامين ونصف العام, لم يسمح له لا بالاتصال بمحام, أو بأي من أفراد أسرته أو ذويه. إلى ذلك أدلى محمد أخطر – وهو سجين أفغاني يبلغ من العمر 17 عاماً- إلى محقق من منظمة العفو الدولية, بمعلومات تفيد عن اعتقاله وحبسه حبساً انفرادياً, داخل إحدى حاويات النقل والشحن, لمدة ثمانية أيام في أفغانستان, التي اعتقل فيها في يناير من عام 2002.
وفي الاتجاه نفسه, توصل تحقيق أجرته وزارة الدفاع الأميركية العام الماضي, تحت إشراف اللواء جورج فاي, إلى أن المسؤولين عن السجن, أطلقوا كلباً على زنزانة, كان بداخلها طفلان من الأطفال المعتقلين. وكان القصد من ذلك بالطبع, ترويع الطفلين وإخافتهما. وشرع الطفلان في الصراخ بالفعل, مما حدا بأصغرهما, محاولة الاحتماء والاختباء خلف الآخر, إلا أن كلب الحراسة المدرب, أدركه بمساعدة أحد الحراس الجنود. كما أفادت طفلة اسمها جودة حافظ أحمد, أنها شاهدت أثناء اعتقالها في سجن أبو غريب, حارساً من حراس السجن, يسمح لكلب بعضّ طفل يبلغ من العمر 14 عاماً في رجله. كما أفاد العميد جنيس كاربنسكي الذي كان مسؤولاً سابقاً عن سجن أبوغريب, للجنة التحقيق التي يتولى رئاستها اللواء جورج فاي, أنه زار طفلاً عراقياً, كان محتجزاً في الزنزانة رقم (بي 1) سيئة الذكر, لم يتجاوز عمره 11 عاماً, على رغم أن تلك الزنزانة, كانت مخصصة للسجناء "شديدي الخطر". وكان الطفل السجين يبكي ويطلب رؤية أمه. فأمر العميد باستدعاء أمه له.
والمعلوم أن مثل هؤلاء الأطفال الذين لا يتجاوز عمرهم 11 عاماً, يحرمون من الاتصال بذويهم أو المحامين أو أي أحد كان. بل لا يخبرهم أحد بسبب اعتقالهم, ناهيك عن إخطارهم بالمدة التي سوف يقضونها وراء القضبان! و