مع اقتراب موعد عقد قمة الأمم المتحدة في سبتمبر القادم، تتسارع خطوات الدول لتحسين موقفها التفاوضي في التأثير على مجريات الأمور في المنظمة الدولية. فمنذ إنشاء هذه المنظمة عام 1945 وحتى الوقت الحاضر، لم يتم تغيير المؤسسات الرئيسية فيها. وتمثل مقترحات الأمين العام الجديدة محاولة لإعادة هيكلة المنظمة الدولية والارتقاء بأدائها.
وقد تعرضت سمعة الأمم المتحدة عبر الزمن لانتقادات كثيرة. ففي العالم العربي ينظر عادة إلى الأمم المتحدة باعتبارها هيئة قادرة على إصدار العديد من القرارات، ولكنها عاجزة عن تطبيق هذه القرارات على أرض الواقع. وليس أدل على ذلك من القرارات العديدة التي أصدرها مجلس الأمن بشأن القضية الفلسطينية، والتي لم ترَ النور حتى الوقت الحاضر.
في بعض الدول المتقدمة ينظر إلى الأمم المتحدة بشكل سلبي، ومع أن الولايات المتحدة تتبرع بحوالى 21% من ميزانيتها السنوية وهنالك منتديات في معظم المدن الرئيسية الأميركية تهتم بالشأن الخارجي وتشجع مشاركة أكبر للولايات المتحدة في أنشطة الأمم المتحدة، إلا أن هناك قطاعاً عريضاً من أصحاب التوجه المحافظ الذين تطالب بعض إعلاناتهم المنتشرة على بعض الطرقات، بانسحاب الولايات المتحدة من المنظمة الدولية.
وقد تشوهت سمعة الأمم المتحدة في البوسنة، في عدم مقدرة جنودها المحافظة على سلامة المواطنين المسلمين هناك، وعدم العمل على تأمين سلامتهم من التطهير العرقي الذي تعرضوا له. وفي جنوب لبنان حدثت مذابح للمواطنين اللبنانيين عام 1997 وهم يحتمون في مراكز خاصة بالقوات الدولية في الجنوب.
وفي أماكن أخرى من العالم، حدثت بعض الاغتصابات للنساء واللاجئين من قبل قوات تحمل القبعات الزرقاء. وقد لحقت بسمعة الأمين العام للأمم المتحدة، مؤخراً، بعض التجريحات، بسبب ما قيل عن تورط ابنه، ورئيس مكتبه بعمليات احتيال مالية في موضوع الأموال العراقية المخصصة لشراء الأغذية خلال فترة الحصار، والمسماة بمسألة مقايضة النفط مقابل الغذاء. ويرى بعض الناقدين لإثارة هذه المسألة، ومن بينهم عضو البرلمان البريطاني جورج جالاوي، أن إثارة مسألة التجاوزات المالية لهذا البرنامج، ليست إلا عواصف رملية سياسية لتغطية التجاوزات العميقة التي حدثت ولا زالت تحدث في العراق منذ الغزو الأميركي له عام 2003 وحتى الوقت الحاضر.
وتنصب مقترحات الأمين العام للأمم المتحدة على محاولة توسيع المهام غير السياسية للمنظمة الدولية، بحيث تركز على محاربة الإرهاب، ومحاربة الفقر، والاهتمام بشكل أعمق بموضوع حقوق الإنسان. وفي هذا الصدد يقترح الأمين العام إلغاء ما يسمى بمجلس الوصاية، وإنشاء مجلس جديد خاص بحقوق الإنسان، يحل محل لجنة حقوق الإنسان الدولية التي تتخذ من جنيف مقراً لها. كما يسعى الأمين العام لإعادة هيكلة الأمانة العامة، وجعل أعمالها ونشاطاتها أكثر شفافية، وإحالة بعض موظفيها القدامى إلى التقاعد الطوعي، ويقترح زيادة المساهمات المالية لعمليات حفظ السلام الدولية التي يبلغ تعدادها 18 عملية دولية، يشارك فيها 67.000 فرد وتبلغ ميزانيتها 4.5 مليار دولار سنوياً.
إضافة إلى ذلك فإن الأمين العام قد طرح مسألة إصلاح مجلس الأمن وجعله أكثر تمثيلاً من ذي قبل. ويقترح الأمين العام إنشاء ستة مقاعد دائمة جديدة في مجلس الأمن ممثلة للقارات الأربع، ولكن لا يحق لأعضائها حق النقض، وأن تكون هناك ثلاثة مقاعد دائمة غير جديدة لفترة ثلاث سنوات. ولا يبدو أن هناك تحمساً من قبل الدول دائمة العضوية الحالية في تقليص حقها في النقض الذي تمارسه حالياً. ولكن النادي المتميز يمكن أن يسمح لدول جديدة غنية وقادرة على دعم ميزانية الأمم المتحدة إلى الدخول في عضويته الدائمة. وتصرّ كل من اليابان وألمانيا على أحقيتهما في الدخول إلى هذا المنتدى. وقد دعم الرئيس بوش في الأسبوع الماضي موضوع ترشيح ألمانيا لمثل هذه العضوية، بينما دعمت الولايات المتحدة كذلك من قبل المطلب الياباني.
وبالرغم من أن ألمانيا واليابان تمثلان قوتين اقتصاديتين على مستوى دولي، إلا أن السماح لهما بالترشيح في عضوية مجلس الأمن الدائمة، يمثل نوعاً من محاولة إغلاق ملف الحرب العالمية الثانية، الذي كان ينظر إلى هاتين الدولتين وكأنهما دولتان مهزومتان، ومن ثم يجب إقصاؤهما عن منظمة دولية، مثل الأمم المتحدة، أنشئت لغرض سياسي هو حفظ السلام في فترة ما بعد الحرب. وتحاول الدول الإفريقية من جهتها أن يكون لها مقعدان دائمان في المنظمة الدولية، ويمكن أن تتمتع كل من مصر وجنوب أفريقيا بمثل هذين المقعدين.
وتعتبر الهند نفسها من بين أهم المرشحين لمثل هذا المقعد الدائم، بحكم كونها من أكثر دول العالم سكاناً، وذات اقتصاد متنامٍ، مثلها في ذلك مثل الصين. وقد أصدرت إسرائيل كذلك بياناً قبل أكثر من شهر رشحت فيه نفسها لعضوية مجلس الأمن. وتعتبر الدول الإسلامية نفسها ضحية للسياسة الدولية، ولا غرو في أن تطالب هذه الدول بمقعد دائم لمنظمة المؤتمر الإسلامي في التش