كان من الواجب علي أن أقرأ المقال الذي كتبه أحمد زكي يماني، وزير النفط السعودي السابق، وذكر فيه انه اطلع في المكتبة السرية للفاتيكان على صحف أو رقوق تتضمن آيات من القرآن الكريم ليست في المصحف الذي أمر بجمعه أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وحيث لم يتيسر لي ذلك فقد نقل إلينا الدكتور رضوان السيد، يوم الأحد الماضي، أهم ما طرحه يماني في مقاله المذكور، ثم رد عليه رد العلماء مستندا إلى حجج قوية وقيمة ومفحمة، فقوض من الأساس ما ساقه يماني من ادعاءات تمس ما هو مقدس وثابت نقلا وعقلا. فعن أسطورة مكتبة الفاتيكان السرية يقول الدكتور رضوان إن "المخطوطات العربية والقرآنية بالفاتيكان صدرت لها فهارس علمية تضمنتها كلها منذ قرن ونيف، وقد كانت هناك مئات من الردود المتبادلة والجدالات الفظيعة بين المسلمين والمسيحيين في العصور الوسطى والحديثة، فلو كانت هناك -جدلا- ورقات سرية تتضمن آيات ليست في المصحف العثماني لسارع المجادلون المسيحيون إلى استعمالها ضد القرآن والمسلمين"، خاصة أن القرآن يثبت مسألة التحريف الذي تعرض له الإنجيل حتى أصبح أكثر من انجيل واحد!
وإذ يتعرض الدكتور رضوان إلى ما انتهت إليه طروحات الاستشراقين القديم والجديد والتي حاولت رد القرآن إلى أصول يهودية ومسيحية وشعبية، من فشل ذريع لم يكن هو الأول ولا الأخير من نوعه، فإنه لا مجال للمقارنة بين مستوى الاستيعاب والتمكن الذي يتمتع به المستشرقون، وقد طوعوا مشاكل منهجية وإجرائية معقدة، وبين مستوى التأهل العلمي للسيد يماني صاحب الثروة والنفوذ والسمعة الواسعة. لذلك لم يكن ثمة من خوف على القرآن جراء محاولات المستشرقين وهم يتسلحون بأدواتهم الهدامة، ولا من أفعال القوات الأميركية حين أهانت المصحف الشريف في مواقع ومعتقلات عديدة، وبالأحرى يجب أن لا يكون هناك قلق على القرآن الذي تكفل الله أزلا بحفظه، فتجاوز أقسى المحن وظل باقيا في الصدور والسطور ودالت دول أعتى خصومه واندثرت.
ماجد بيومي- القاهرة