لعل أحد المتغيرات الكبرى في الساحة السياسية اللبنانية، والذي لم يستوعبه "حزب الله" بشكل جيد حتى اليوم، هو أن اللبنانيين ورأيهم العام بأسره، ولّوا وجوههم بالفعل شطر مرحلة جديدة من التحول الديمقراطي ومناخاته التي تستلزم لغة أخرى غير مفردات اللغة العتيقة التي تم تسويقها في مراحل ولّت غير مأسوف عليها! وإلا فما هي الرسالة التي أراد الشيخ حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله" توجيهها في خطابه يوم الأربعاء الماضي بمناسبة ذكرى "تحرير الجنوب"؟ وإلى من أحب أن يوجهها؟ وما المغزى من اختيار اللحظة الراهنة ولبنان على أبواب انتخابات عامة وشيكة؟!
مما قاله نصر الله في خطابه أن أي يد تمتد إلى سلاح المقاومة سيُعمل على قطعها، في تهديد مجهول الاتجاه، وأن حزبه يمتلك نحو 12 ألف صاروخ قد يصل مداها إلى شمال فلسطين، في تلويح بالقوة معلوم مغزاه!
ولا يسع المرء هنا إلا أن يلاحظ أن خطاب نصرالله هو بالأساس رسالة للدولة اللبنانية، ومن ورائها قوى وطنية عديدة طالبت وتطالب بسيادة لبنان على أراضيه، وتطبيق اتفاق الطائف كلية بما في ذلك نزع أسلحة الميليشيات المسلحة! إن من يدعون إلى ذلك إنما يريدون أن يروا نهاية فعلية للحرب الأهلية اللبنانية وما وسمها من تناحر طائفي أشهر فيه بعض اللبنانيين السلاح ضد البعض الآخر، بينما يريد "حزب الله" جرّ الأمور إلى الوراء والتحدث عن سلاحه وتوجيه التهديدات لمن يطالبون بنزعه! وفي حين تريد قوى وطنية لبنانية تكريس المناخ الجديد وترسيخ آلياته ومفاهيمه الواعدة بالتطور، يريد نصر الله أجندة أخرى ويدعو إلى خياراتها!.
كريم حمدان- بيروت