ضمن التغطيات والتقارير الإعلامية التي تنشر حول الإنجازات والنجاحات الاقتصادية التي تشهدها دولة الإمارات، هناك نوع من "الإلحاح" الإعلامي الملحوظ على إجراء مقارنات غير مبررة بين أبوظبي ودبي سواء من حيث الانجازات أو المداخيل أو مراحل التطور والخطط المستقبلية. ولا غضاضة بالطبع في الحديث عن تنافس بين أبوظبي ودبي، فالتنافس بحد ذاته ليس أمرا سلبيا ما دام الأمر يتعلق بتنافس تنموي يحقق مصالح شعب واحد ويضمن لأبنائه كافة ما يطمحون إليه من رقي حضاري وازدهار اقتصادي، كما أن التنافس بالنهاية هو ظاهرة صحية تفرز ممارسات إيجابية وتحرض العقول على إبراز كل ما لديها من قدرات وأفكار. وهذه المقارنات تبدو في كثير من الأحيان، "عفوية" ومنزوعة السياق وتقتصر على استعراض الأرقام والإنجازات وإظهار الشيء من خلال مثيله أو نظيره. وغالبا ما تحدث مقارنات مماثلة في أحيان كثيرة، خصوصا على صعيد التطور والنمو الاقتصادي، بين دول مجلس التعاون وما تشهده من قفزات في قطاعات مثل أسواق المال والتسوق والتنمية السياحية والعقارية وغير ذلك. ولكن الملاحظ أن بعض التقارير تخضع مظاهر التنمية في الإمارتين إلى مقارنات وتخرج بنتائج وتقفز إلى استنتاجات غير دقيقة لا تعبر عن واقع الأمور، فليس هناك منافسة قائمة بين أبوظبي ودبي، ولكنْ هناك نوع من التكامل والسعي المشترك نحو مواكبة متغيرات العصر وامتلاك زمام السبق ووضع الإمارات على خريطة الألفية الثالثة في موقع تستحقه أراده لها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد، ويعمل بتفانٍ على تحقيق هذا الطموح الحضاري والتنموي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.
وربما كانت الخطط التنموية الرائدة والطموحة التي تنفذ في الإمارتين هي التي تجذب الانتباه وتوحي للمراقبين بأن هناك نوعا من التنافس أو التسابق في مجالات اقتصادية معينة. ولكن المتأمل بدقة للتجربة التنموية في كل من دبي وأبوظبي يكتشف أن لكل منهما شخصية متفردة تحرص على وجودها في مختلف الأنشطة والمشروعات الاقتصادية والتنموية والسياحية، وذلك في إطار فكر استراتيجي أشمل قائم على التعددية في إطار الوحدة. فمشروعات التطوير في أبوظبي تسير بخطى وئيدة ومدروسة ومحسوبة وفقا لبرنامج زمني محدد ورؤية واضحة وأهداف استراتيجية وضعت بعناية وبما يضع أبوظبي في صدارة مدن العالم تخطيطا وروعة وبهاء، أما دبي فلها شخصيتها الجذابة ولها سمعتها التي اكتسبتها في ميادين عدة، ولا مجال لإخضاع تجربتها الفريدة مع أي من إمارات الدولة أو دول المنطقة، فدبي نموذج يحتذى في مجالات متعددة، ومن الصعب اختزال ذلك في الحديث عن تنافس سياحي أو اقتصادي، خصوصا أنه لم يغب عن ذهن صانعي القرار ضرورة التركيز على تحقيق نوع من التكامل والتنسيق بين مختلف الوحدات والأنشطة الاقتصادية في الدولة بما يعزز المكانة والناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني الذي بات يحظى بوضعية تنافسية متميزة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية