يقع عيد "لاج بعومير" في 18 آيار حسب التقويم اليهودي، والذي وافق 27 مايو 2005. وكلمة "لاج" تعني "الثالث والثلاثون"، ففي اللغة العبرية كل حرف له قيمة رقمية، وحرف اللام (ل) يعادل ثلاثين وحرف الجيم (ج) يعادل ثلاثة، ولذا فكلمة "لاج" تعني "الثالث والثلاثين"، أما كلمة "عومير" فتعني "حزمة من محصول الشعير"، وهي تشير إلى قربان الحبوب الذي كان يقدم للكهنة في الهيكل، حينما كان الهيكل هو مركز اليهودية أو ما أسميه "العبادة القربانية المركزية" لأنه لم يكن قد تم تدوين كل التوراة بعد, كما أن التلمود، وهو شروح الحاخامات للتوراة والتي تشكل العمود الفقري لليهودية الحاخامية، لم يكن – بطبيعة الحال – قد وضع منه شيء. ويحتفل بهذا العيد في اليوم الثالث والثلاثين من فترة السبعة أسابيع الممتدة من ثاني أيام عيد الفصح (فيما يسمى "سفيرات هاعومير") حتى عيد الأسابيع.
و"لاج بعومير" من الأعياد التي أضيفت بعد نزول التوراة شأنه في هذا شأن أعياد أخرى من أهمها عيد النصيب (بوريم) وعيد التدشين (حانوخة) والتي تناولناها من قبل. وينتمي هذا العيد إلى نمط متكرر من الأعياد اليهودية وهي أنها ذات طابع زراعي/ كوني، أي أنها مرتبطة بدورات الطبيعة، ولكنها في ذات الوقت ذات طابع قومي، أي مرتبطة بمناسبات تاريخية، مثل الخروج من مصر. وقد فسرنا هذا بأنه يعود إلى الخاصية الجيولوجية التراكمية لليهود باعتبارها نسقا دينيا غير متجانس يحوي طبقات مختلفة متراكمة متجاورة غير متفاعلة ومتناقضة. فهناك طبقة توحيدية وأخرى حلولية وثنية. هذه الطبقة الحلولية الوثنية ترد كل شيء إلى مستوى واحد، فالإله يحل في كل شيء ويتوحد به، فيحل في الشعب وفي تاريخه وفي الأرض اليهودية أو الطبيعة وبذلك تتوحد عناصر الثالوث الحلولي وتتساوى، وهو ما يجعل الزمن الطبيعي يرتبط بالزمن أو التاريخ اليهودي وهذا ما يجعل معظم الأعياد الدينية مرتبطة بدورة الطبيعة.
والبعد الطبيعي- الكوني في عيد "لاج بعومير" يتبدى في ارتباطه بعيد "سفيرات هاعومير" أي "حساب الشعير" وهو عيد مرتبط بدورة الطبيعة – كما يتضح من اسمه – كما أن عيد "لاج بعومير" – حسب بعض الأقوال الحاخامية – هو اليوم الذي حدثت فيه حادثة كونية كبرى، وهي طوفان نوح، وهو أيضا اليوم الذي أنزل الإله فيه المن من السماء (وهي حادثة كونية تماما مثل طوفان نوح). ويتبدى الجانب التاريخي- القومي للعيد فيما يلي:
1- يحيي اليهود في ذلك اليوم ذكرى فقدان الآلاف من طلاب الحاخام عقيبا (القرن الثاني الميلادي) الذين لقوا مصرعهم وحصدهم الطاعون لأنهم كانوا لا يكنون الاحترام الواحد منهم للآخر. وقد انتهى الوباء في اليوم الثالث والثلاثين، ولذا سمي "عيد العلماء".
2- استمر الحاخام عقيبا بعد الحادثة في تعليم تلاميذه الذين لم يحصدهم الوباء، وكان من بينهم الحاخام سيمون بار يوحاي، وهو الحاخام الذي قضى معظم حياته يدرس التراث الصوفي الحلولي اليهودي الذي يقال له القبالاة. ويقال إنه في اليوم الثالث والثلاثين في عيد العومير انتهى من الكشف عن الأسرار الخفية للتوراة والتي دوّنها في كتاب الزوهار، ويقال إنه مات في ذلك اليوم (بالقرب من صفد) ودفن في كهف في جبل ميرون.
و"لاج بعومير" لا يختلف عن كثير من الأعياد اليهودية الأخرى في أنه ذو طابع جنائزي. فعيد النصيب يشير إلى تهديد اليهود بالإبادة في فارس. أما احتفالات عيد الفصح فتتضمن رواية قصة عبودية اليهود في مصر وما عانوه من مشقة في الهرب عبر الصحراء. وهم يحتفلون الآن في إسرائيل بما يسمى يوم الإبادة (يوم هاشواة) ثم بيوم الذكرى (يوم هايزخارون). ويضاف إلى كل هذا أعياد أخرى مثل التاسع من آف, وأيام الصيام الحدادية التي لا تنتهي. ويحتفل بهذا العيد حتى الآن في إسرائيل، ويأخذ الاحتفال الشكل التالي:
ا- تخرج العائلات حاملة أطعمتها التي يتناولونها في الحدائق العامة، كما يخرج الطلبة مع معلميهم ومعهم الأقواس والسهام المطاطية والكور.
ب- يزور الآلاف قبر الحاخام باريوحاي (وقبر ابنه) ويحملون المشاعل ويغنون ويفرشون الموائد ويشعلون النيران باعتبار أن كتاب الزوهار يعني النور المتألق فقد أتى بالنور للعالم، حسب التصور اليهودي الصوفي.
ج- يتضح الجانب الطبيعي في احتفال أعضاء الكيبوتسات (العلمانية) بهذا العيد فيشكل أعضاء الكيبوتسات وأولادهم موكبا، ويذهبون للغناء والرقص في الحقول، ثم تقطع بضع سنابل قمح بطريقة احتفالية، وتوضع في قاعة الاحتفالات في الكيبوتسات. كما يجري الاحتفال بالعيد وشعائره من خلال الغناء والموسيقى.
وكثير من العائلات اليهودية لا تقص شعر الصبية إلا عند بلوغهم سن الثالثة، وهو السن الذي يفترض فيه أن يبدأ الصبي في تعلم التوراة. وتعلم التوراة مرتبط في التراث القبالي بشعر الرأس، ولذا تؤجل كثير من العائلات في إسرائيل قص شعر الصبية للمرة الأولى إلى ذلك اليوم. وحيث إن الفترة التي تسبق "لاج بعومير" هي فترة صوم وحداد, نجد أن كثيرا من الإسرائيليين لا يعقدون زيجاته