محاولات الإصلاح الشامل في المنطقة العربية عادة ما تصطدم بمعضلة الشرق الأوسط الأولى، وهي القضية الفلسطينية. لكن تجارب العقود الماضية، برهنت على أن إسرائيل حصدت السلام واحتفظت باحتلالها للأراضي العربية، وهو مشهد يؤكد فشل النظام العربي برمته في تحقيق التسوية الشاملة العادلة مع إسرائيل، ما جعل الشعوب في حيرة من أمرها، فهي لا تدرك ما إذا كان الحل العسكري شبه المستحيل حالياً هو أداة حل القضية الفلسطينية، أم المسار التفاوضي الذي بدأ منذ عام 1991 بمؤتمر مدريد، ولا يزال حتى اللحظة متعثراً ولم يسفر عن نتائج ذات أهمية. الغريب أن مشروعات الإصلاح الأميركية والأوروبية المطروحة حالياً تتجاهل حقيقة مهمة وواقعاً لا مهرب منه وهو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، لأن هذا الاحتلال وفر لبعض الأنظمة العربية مبررات كثيرة لتأجيل العمل بالتعددية السياسية. وعليه فإن تلكؤ القوة الدولية المؤثرة وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، لحل الصراع العربي- الإسرائيلي في أسرع وقت ممكن، سيجعل من عملية الإصلاح السياسي الشامل في المنطقة العربية أمراً في غاية الصعوبة. وفي هذا السياق لا ننسى أبداً أن الشعوب العربية، حتى في الدول التي أبرمت اتفاقيات سلام مع إسرائيل، لن تقدم على أية خطوة باتجاه إدماج الإسرائيليين في المحيط الاقتصادي للمنطقة العربية، إلا بعد الحل الشامل والعادل للصراع العربي- الإسرائيلي.
بكر فتحي يوسف- الشارقة