الحرب الأميركية على الإرهاب التي شملت كلاً من أفغانستان والعراق، وضعت الولايات المتحدة في مأزق حقيقي، نجده في الهوة الشاسعة بين مفردات النموذج الأميركي في الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والممارسات الأميركية في ساحات المعارك، وفي مناطق النزاعات. صحيح أن العالم كان يوماً ما مولعاً بالتجربة الأميركية في صون الحريات الفردية واحترام الخصوصية، لكن ما يجري الآن داخل الولايات المتحدة من إجراءات أمنية مشددة أو مبالغ فيها، جعلت كثيرين يعيدون النظر في هذه التجربة. وبعيداً عن الأراضي الأميركية ثمة انتهاكات صارخة ارتكبها العسكريون الأميركيون في سجن "أبوغريب"، وفي معتقل "جوانتنامو"، وهي انتهاكات تضرب اتفاقيات جنيف في مقتل، وتثير مزيداً من الشكوك حول احترام العسكريين الأميركيين للاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق السجناء والمعتقلين، ومن هم في حكم أسرى الحرب، أو "مقاتلي الأعداء" حسب الاصطلاح الأميركي.
هذه الهوة الشاسعة بين الصورة الأميركية التي بدأت تتآكل في السنوات الأخيرة، ومسلسل الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، يضع بلا شك الإدارة الأميركية في ورطة حقيقية، المخرج الوحيد منها يكمن في مراجعة شاملة لسياسة واشنطن في مسألة احترام حقوق السجناء والمعتقلين، وإلا ستكون سمعة الولايات المتحدة وصورتها في العالم على المحك، وساعتها سيقول المولعون بالولايات المتحدة: وداعاً للنموذج الأميركي في الحرية والديمقراطية.
ياسين عطا- الشارقة