مطلوب: رئيس وزراء لفرنسا... و"نموذج صيني" لإيران!


جولتنا السريعة في صحافة باريس تركز هذا الأسبوع على موضوعات ثلاثة هي: المشهد الفرنسي قبل أسبوع من استفتاء الدستور الأوروبي، واحتمالات تغيير رئيس الحكومة في قصر ماتينيون، ووضع إيران الآن.


ساعد نفسك.. تساعدك أوروبا


 هذا هو عنوان افتتاحية رئيس التحرير كلود أمبرت في مجلة "لوبوان" وفيها يصل بالنقاش المحتدم الآن حول الدستور الأوروبي إلى فضاء "فلسفي" جديد. والكاتب الذي يدافع دون تحفظ عن المشروع الأوروبي، يرى أن ثمة خللا ما في أداء الطبقة السياسية الفرنسية هو الذي أدى إلى نوع من سوء الفهم من قبل المواطن الفرنسي العادي للمشروع الأوروبي برمته، والدليل على ذلك أن الحكومة تريد من المواطنين الإجابة النموذجية على نص دستور أوروبي معقـد من آلاف الصفحات. ومثلما أن ثمة لحظات حقيقية في حياة الأفراد، فإن الدول والأمم أيضاً تجد نفسها أحيانا أمام مثل تلك اللحظات. وفرنسا تعيش لحظة الحقيقة الآن، على رغم أمجاد الماضي وعلى رغم تطلعات المستقبل. ويقول أمبرت إنه ليس سهلا أن يكتشف عامة الناس مزايا هذه الـ"الأوروبا" الموحدة من دبلن إلى فرصوفيا، المتمتعة بالسلام والديمقراطية لأول مرة في تاريخها. إن شيوع مثل هذا الشعور هو وحده الذي سيعوض عن نقمة الأربعة ملايين فلاح فرنسي الذين يدفعون الثمن ويدفعه معهم الريف الفرنسي بسبب السياسات الأوروبية، وبسبب تغوُّل السوق العالمي. ويمضي الكاتب في تحليله –أو في الواقع دعايته لـ"النعم"- مؤكداً على ضرورة النزول بالمشروع الأوروبي من برجه العاجي، أو بكلمة أدق من الدور السادس، هناك في بروكسل، حيث يتولى "الليفياثان" (التنين) الأوروبي "طبخ" كل شيء، حتى لو كانت "الخلطة" فاسدة وغير مستساغة.


مطلوب رئيس وزراء


صحيفة لوموند نشرت مقالاً تحت عنوان:"شيراك يبحث عن رئيس وزراء لمرحلة ما بعد 29 مايو". وذكرت كاتبة المقال بياتريس جيري أن الكلمة التي أصبحت الآن على كل لسان في ممرات قصر الأليزيه هي:"لقد خسرنا"! والكل يتساءل:"ما العمل؟"، وكأن كارثة ما مقبلة ولا أحد يستطيع تفاديها! ولذا تنقل الكاتبة عن مصادر حسنة الاطلاع قولها إن الأجواء السائدة الآن في محيط الرئيس شيراك ودائرته الضيقة، تجاوزت مرحلة التوجس، وأصبح الجميع حول الرئيس يهيئون أنفسهم لتلقي خبرا سيئا للغاية يوم الأحد المقبل. ولكن لنفترض الآن أن أسوأ الاحتمالات وقع فعلاً. هل يبقى ثمة سوى حل واحد هو أن يتلافى شيراك كل الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمة السياسية الفرنسية والأوروبية –بعد أن أصبحت فرنسا خطاً آخر من خطوط إنتاج الأزمات للاتحاد الأوروبي، بدل أن تكون رافعته الأساسية-؟ لابد من شيء ما أكثر ثورية من خطط الوزير جان لوي بارلو لمحاربة البطالة. وهذا "الشيء ما" يستحسن أن يكون التخلص من عبء وجود جان بيير رافارين على رأس الحكومة. صحيح أن الوقت ليس وقتاً مثالياً للتصعيد السياسي، ولكن لا حل آخر. فالحلول التقليدية، وضربات "العلاقات العامة" لم تعد كافية. ومع أن شيراك يستشيط غضباً كلما سمع ترشيحات الصحافة لدومينيك دو فيلبان وميشيل إليو ماري وحتى تييري بريتون وجان لوي بارلو وفيليب بلازي وغيرهم كخلفاء محتملين لرافارين؟ ومع أن في نفسه ما يشبه "الفيتو" الجاهز ضد ترشيح نيكولا ساركوزي أيضاً، ويعتبره ليبرالياً أكثر من اللازم، مع ذلك فالظاهر أنه حسم أمره فعلا وبدأ البحث عن خليفة لرافارين. وعلى ذكر هذا الأخير نشرت صحيفة ليبراسيون مقالا تحت عنوان:"رافارين.. اختبئْ" قالت فيه إن دخول رئيس الوزراء على خط الدعاية للدستور الأوروبي أضر بحملة الـ"نعم" لأنه ليس الشخص المناسب بكل تأكيد للدعاية الآن. ومضت الصحيفة بالنقاش حول مستقبل رافارين شوطاً أبعد قليلا، وقالت إن السؤال المطروح في حال فوز معسكر الـ"لا" لم يعد حول بقاء رافارين من عدمه، وإنما بقاء شيراك نفسه حتى نهاية ولايته الحالية.


طهران... وتقلباتها


 الكاتب والأكاديمي الإيراني محمد رضا جلالي الذي أصدر مؤخراً كتابا بعنوان: "جيوبوليتيكا إيران"، اختار هذا العنوان لمقال نشره في صحيفة لوفيغارو، ناقش فيه أفق التغيرات المتوقعة في إيران، التي تجد نفسها وسط تجاذب إقليمي ودولي من جهة، وداخلي من جهة أخرى، خاصة بعد إخفاق مشروع الرئيس خاتمي الإصلاحي بشكل كامل، تقريبا. ويذهب جلالي إلى أن ما أفضت إليه الانتخابات العراقية الأخيرة وضع إيران أمام أكثر من تحدٍّ. فعلى رغم وصول الشيعة في العراق إلى سدة الحكم - مع ما يعنيه ذلك من عودة مركزية مدينة النجف بدل قم لأتباع المذهب الشيعي في العالم- إلا أن العراقيين اختاروا لأنفسهم طريقة مغايرة لطريقة "ولاية الفقيه" السائدة في إيران، كما أن السيستاني نأى بنفسه عن تقلد منصب سياسي على عكس ملالي طهران. ه