في مقاله المنشور يوم أمس الخميس على صفحات "وجهات نظر"، والذي حمل عنوان "الغضب العارم والصمت المطبق"، توصل الكاتب الأميركي الشهير "توماس فريدمان" إلى استناج مفاده أن "تدنيس حرمة الحياة في العراق وتمزيق جثث المسلمين على أيدي مسلمين آخرين لم يؤد إلى مسيرة احتجاجية واحدة في أي دولة من دول العالم الإسلامي". وفي ردي على هذا المقال، أرى أن الكاتب ركز على المشهد الراهن في العراق بكل تعقيداته وتشابكاته، ووجه اللوم للدول الإسلامية التي لم تشجب بشدة ما يجري في العراق من عمليات إرهابية، متجاهلاً أن التجاوزات الخطيرة التي حملتها الحرب، قادت بشكل أو بآخر، إلى المشهد العراقي الحالي الملطخ بالدماء، والمكتظ بالسيارات المفخخة.
ولكني أتساءل: كيف للعالم الإسلامي أن يتخذ موقفاً صارماً من تطورات لم يكن هو السبب في وقوعها؟! فالحرب على العراق كرست الأحادية الأميركية، ودشنت لمرحلة خطيرة في العلاقات الدولية، تعتمد على عسكرة السياسة الخارجية في حروب استباقية العالم في غنى عنها. ويبدو أن الكاتب يطلب من الدول الإسلامية أن تنقذ واشنطن من ورطتها في العراق، بأي وسيلة، وهو مطلب يتناقض مع أحادية النهج الأميركي في العراق.
وألوم الكاتب على اتهامه للدول العربية بأنها تريد "العراق يغلي كي لا تتبلور فيه الديمقراطية وتمتد إلى البلدان العربية"، فهذا الاستنتاج خاطئ، لأن من مصلحة المنطقة العربية استقرار العراق، كي لا يمتد التوتر الطائفي إلى بلدان عربية أخرى، خاصة تلك التي تضم أقليات شيعية، كما أن الدول العربية ليست في حاجة إلى عراق مضطرب، كي تتجنب الديمقراطية الأميركية، لأن ضغوط واشنطن على هذه الدول في مسألة الديمقراطية لن تتوقف في حال استمرار المشهد المضطرب في بلاد الرافدين.
مصطفى إسماعيل- دبي