أقر مجلس الحكم الانتقالي قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية في 29 فبراير2004، والملاحظ أن هذا المجلس أعطى لنفسه حقا لم يمنحه الشعب إياه، وموضوع القانون هو "الإدارة" لكن في الواقع أن بنوده قد شكلت هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية وسلطات محلية، فالشكل إدارة والمضمون حكم. ولقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية سلبياته فهو جاء وفقا لصياغة المحتل ورؤية لأوضاع العراق دون أي رأي شعبي أو استفتاء على مبادئه. ومن ثم السؤال المطروح الآن: ما هي السبل لإنجاح عملية صياغة الدستور العراقي الجديد، لكي يستطيع العراقيون رسم مستقبل بلدهم؟ بالإمكان أن نجيب على هذا التساؤل بالتوصيات التالية، أولاً: يجب أن يكون الدستور القادم صناعة عراقية، وليس وصفة جاهزة مستنسخة من التشريعات الأميركية. ثانياً: ضرورة اعتماد مبدأ الديمقراطية ككل لا يتجزأ، فلا يمكن أن تتحقق ديمقراطية سياسية في بيئة غير ديمقراطية أو في مجتمع بعيد عن الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية. ثالثاً: أن تقوم الفيدرالية على معايير جغرافية إقليمية وليس على معايير قومية عنصرية ولا دينية طائفية. رابعاً: إقرار حقيقة التنوع في المجتمع العراقي لا سيما القومي والديني أن يتم التعبير عن مصالح كل الفئات ورغباتها عن طريق تنظيمات عصرية تتمثل بمؤسسات المجتمع المدني، أحزاباً ونقابات وليس عن طريق مؤسسات تقليدية عشائرية.
لابد أن يكون الدستور القادم قادراً على بناء هيئات تمارس صلاحياتها وفق دستور يكون الضامن الحقيقي للحريات والحقوق لكل المواطنين العراقيين. ولابد من تجاوز كل الخلافات، والبدء بالمصالحة الوطنية، وليس إقصاء فئات معينة عن القيام بمشروع كتابة الدستور، الذي سيكون الوثيقة العليا التي تحفظ حقوق الشعب وتحدد التزامات الدولة تجاه المواطنين وصيانة الحريات العامة. المطلوب من الجمعية المنتخبة التي ستضع الدستور أن تتجاوز كل الخلافات، وأن تضع مصلحة العراق فوق أي اعتبار، لكي يحتضن الدستور كل العراقيين المنتمين إليه برابطة المواطنة العراقية لكي نبني عراقا حرا يسوده الأمن والسلام.
غفران يونس- بغداد