الحرب الأميركية على العراق، كانت ولا تزال مغامرة أميركية محسوبة، لكن لم يعد خافياً على أحد مدى صعوبة الموقف الذي تعيشه الولايات المتحدة الآن في بلاد الرافدين. أنا لا أستخف بالعمليات العسكرية التي أسقطت نظام صدام في وقت قياسي، لكن المعضلة الكبرى أن واشنطن خاضت حرباً أحادية دون تفويض من الأمم المتحدة، وساقت مبررات واهية أو بالأحرى زائفة لغزو العراق، والنتيجة أن إدارة بوش نجحت في اسقاط نظام مارق، من وجهة نظرها، لكنها لم تحرز انتصاراً حاسماً على فلول هذا النظام، ولم تستطع احتواء عراق ما بعد صدام بكل تعقيداته وتشابكاته.
التفجيرات متواصلة في بلاد الرافدين، ولا يوجد لدى الأميركيين حتى الآن اتفاق على هوية منفذي الهجمات ضد القوات الأميركية ومنتسبي الشرطة والجيش العراقي. ما يبعث على الضحك والبكاء في آن معاً هو أن أميركا غزت العراق باسم الحرب على الإرهاب، لكن بعد احتلالها لبلاد الرافدين، أصبح العراق ساحة خصبة للإرهاب، خاصة بعد الانفلات الأمني في شوارع العراق، وبعد تفكيك الجيش العراقي.
في تقديري أصبحت تجربة احتلال العراق تجربة "مفخخة" بكل المقاييس، كان الجزء الأسهل منها هو اسقاط نظام صدام، لكل الفصول المتبقية منها ستنفجر وستتناثر لتطال القوات الأميركية وتثبت خطأ إدارة بوش في الاستعداد لعراق ما بعد الحرب. لكن ستكون هذه التجربة درساً قاسيا للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة الذين روجوا للحرب الاستباقية، والذين أيدوا عسكرة السياسة الخارجية الأميركية على نحو يضر بمصالح الأميركيين قبل غيرهم.
ياسين يوسف-دبي