أخيراً خلص الدكتور إبراهيم الجعفري من تشكيل حكومة عراقية ينتظر أن تؤسس للعراق الحر الخالص من أية شوائب تتعلق بالماضي المظلم الذي عاشه البلد تحت حكم صدام حسين وزبانيته المفسدين. لكن ما يلفت الأنظار إلى تلك الحكومة أنها أسست لعراق طائفي في تشكيلتها وطريقة بنائها للمناصب الوزارية، وهو أمر يخشى منه لأن هذه الحكومة هي الحكومة الأولى في العراق الجديد، وبما أنها الأولى فهي بالضرورة البنية التي ستلزم الحكومات القادمة بالشكل والمضمون. أي أن الحكومات القادمة يمكن أن تكون طائفية أيضاً، وبهذا تكرس الطائفية في العراق بدلاً من أن تكرس الحرية والتسامح وتنبذ الطائفية بعيداً عن هذا الشعب المسكين.
لقد تكونت حكومة د. الجعفري في مجملها وفق التركيبة التي حذر منها الكثيرون، وبدلاً من أن يتنبه إلى خطورة البناء الطائفي لمؤسسات الدولة والمناصب العليا فيها، قام بالتصريح بأن القاعدة التي اتبعت في تشكيل حكومته هي قاعدة توزيع الحصص بين الشيعة والأكراد والسنة، وبقية أطياف الدولة وأجناسها، وبذلك حصلت لائحة "الائتلاف العراقي الموحد" على نصيب الأسد من الحقائب الوزارية، وهي اللائحة التي تحتفظ بنصف عدد المقاعد في البرلمان العراقي. ومما لا شك فيه أن هذه اللائحة تأسست على قواعد طائفية لا تخفى على أحد من العامة، ومن هنا لا يمكن أن ننكر البعد الطائفي الذي أضفته لائحة الائتلاف العراقي الموحد على الحكومة والبرلمان، ولا يمكن بالتالي أن ننكر أن التعبئة الطائفية أصبحت تشكل هاجس كل مسؤول عراقي عند الحديث عن تعيينات أو تنقلات في الوزارة أو الدائرة التي يرأسها.
إن مسألة التعبئة الطائفية في العراق هي الرعب الحقيقي للشعب بعد زوال رعب الاحتلال، بل هي احتلال جديد لا يقل خطورة عن الاحتلال الأميركي بأي صورة من الصور.
رفيق خزاعي - العراق