بعد الغزو الأميركي للعراق، وانهيار نظام صدام، انتابت المخاوف الكثيرين من حدوث حالة من الانفلات الأمني الذي يمكن أن يتطور إلى حرب أهلية وخصوصا بعد وقوع هجمات على مساجد شيعية ومساجد سنية وكنائس وهجمات على مقار أحزاب كردية. لا يزال البعض يقوم حتى الآن بالتعبير عن مخاوفه من احتمال حدوث حرب أهلية على الرغم من أن الكثير من مظاهر ما يحدث في العراق في الوقت الراهن تثبت أن ما يحدث في العراق الآن هو حرب أهلية. وفي الوقت نفسه لا زال الكثيرون يبدون تخوفهم من انقسام العراق في حين أن نظام المحاصصة الطائفية الذي تم بموجبه تشكيل الوزارة العراقية الجديدة يدل على حدوث هذا الانقسام بالفعل. وقد بدا لافتا للنظر في هذا السياق قيام الحكومة العراقية بإعادة حلف اليمين بعد احتجاج الأكراد على حذف كلمات تشير إلى فيدرالية النظام. ويلاحظ وقوع ظلم فادح على السنة في التشكيلة الوزارية حيث تم منحهم مجموعة من الوزارات الهامشية باستثناء وزارة الدفاع.
وهذا الإحساس بالغبن سيجعل السنة يحاولون باستمرار وبكافة الطرق الحصول على حصتهم في الحكم وهو ما يعني من ناحية أخرى أن الأمور في العراق ستبقى في حالة من الاضطراب والسيولة والخطورة البالغة. ولعل ذلك هو ما دفع رئيس الجمهورية الكردي جلال الطالباني إلى المطالبة ببقاء القوات الأجنبية وعدم رحيلها حتى يتم استقرار الأوضاع، ولعله أيضا هو الذي دفع نائبا شيعيا إلى مطالبة حكومة الجعفري بطرد العرب من العراق وخصوصا الجنسيات التي ثبت اشتراكها في "أعمال المقاومة". إن ما يحدث في العراق حاليا يدعو للحيرة البالغة والعجب: مناشدة يقدمها الطالباني للأجنبي بالبقاء، ومطالبة من نائب شيعي بطرد العرب. الغريب في هذا الأمر أن الطالباني وصف القوات الأجنبية بأنها ليست قوات احتلال وإنما مجرد "قوات أجنبية موجودة في العراق لتحقيق مهمة محددة" في حين أن أميركا ذاتها وصفت قواتها بأنها قوات احتلال!.
حسام مسعود- العراق