أعتقد أن الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت في الضفة الغربية وقطاع غزة أظهرت للعالم كله مدى الخطر الذي يهدد الساحة الفلسطينية في حال ازداد الشقاق بين حركتي فتح وحماس، وهما ليستا حركتين سياسيتين مسلحتين فحسب، بل هما تشكلان عمود الحياة السياسية والنضالية للشعب الفلسطيني على امتداد سنوات طويلة من الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي أحب مشهد إلى قلبه هو مشهد النزاع بين الفصائل الفلسطينية.
إن ما يدعو للقلق فيما رأيناه من تنافس ساخن في الانتخابات بين "فتح" و"حماس"، وتبادل للاتهامات، هو أن تشتعل نار الفتنة الداخلية في الساحة الفلسطينية. فحماس منذ أن تم انتخاب محمود عباس رئيساً جديداً للسلطة الفلسطينية شككت في نوايا القيادة الفلسطينية، التي تنتمي لحركة فتح، في التعامل مع الفصائل الفلسطينية المسلحة، ورأت في أكثر من مناسبة أن الأوان آن للحد من سلطة حركة فتح، وتقسيم المناصب بين الفصائل الفلسطينية مجتمعة بغض النظر عن رضى السلطة عن بعضها أو عدم رضاها عن بعض آخر.
من هنا يكمن الخطر الذي يرى البعض أنه قريب من الساحة الفلسطينية منذ فترة، ولكن حكمة العقلاء من قادة "حماس" و"فتح" حالت عدة مرات دون وقوع المحظور، والحمد لله. ولكن من يقول إن الانتخابات الأخيرة في الضفة والقطاع لم تكن مؤشراً سلبياً على علاقة غير ودية بين حماس والسلطة؟ ومن يستطيع أن يجزم بأن العقلاء من حماس وفتح سيواصلون تهدئة الأمور على الدوام؟
على الجميع أن يعرفوا أن إسرائيل لا تريد لحماس أن تنزع أسلحتها، وعلى الجميع أيضاً أن يعرفوا أن إسرائيل لا ترغب بأن تقوى شوكة محمود عباس في الضفة والقطاع. إنها دولة عاشت ونمت وهي تغذي الفرقة بين الشعوب والفصائل، وحتى بين الأخ وأخيه، فكيف تأتي اليوم لتدعم محمود عباس في فرض سيطرته الكاملة على الضفة والقطاع ونزع أسلحة حماس والجهاد الإسلامي، وتخلي الساحة من النزاع؟
عايد الجراح ـ الأردن