إذا أردنا أن نعرف ماذا يحدث في أبوظبي فيجب علينا أن ندرك ماذا يجري في العالم من حولنا. كثيرا ما أواجه ويواجه الكثيرون هنا في أبوظبي أسئلة من أشخاص من إمارات أخرى أو أصدقاء وزملاء وزوار من خارج البلد, عن ماذا يحدث في أبوظبي؟! البعض يسأل انطلاقا مما يراه من تطور كبير وسريع في هذه الإمارة الجميلة والبعض الآخر يطرح نفس السؤال, ولكن من منطلق آخر وهو منطلق المقارنة بما يحدث في الإمارة المجاورة دبي.
لمن يريد أن يعرف ماذا يحدث, من المهم أن يلاحظ أن ما تشهده أبوظبي حاليا هو إعادة تقييم لعمل كل الإدارات والدوائر وكذلك دراسة متأنية للمشاريع المقترحة وإعادة نظر في بعض القوانين التي تتناسب مع التطورات والتغييرات التي تشهدها المنطقة والعالم. على المستوى الإداري فإن ما تشهده الدوائر المحلية في أبوظبي من إعادة تقييم لدورها ولمدى فاعليتها وكذلك مدى نجاح المسؤول الأول القائم على كل دائرة يبشر بأن شيئا مهما سيحدث وأن تغيرا كبيرا سنشهده قريبا على أداء الدوائر التي ما تزال محل انتقاد المواطنين ومحل عدم رضا المسؤولين... وعلى المستوى المالي فإن هناك ميزانيات ضخمة بالمليارات مخصصة لتنفيذ مشاريع اقتصادية وخدماتية ضخمة داخل أبوظبي, كما أن فرص الاستثمار ما تزال كثيرة ومتنوعة ومتاحة وهذا ما يكشف مدى تسارع حركة النمو في الإمارة ويؤكد أن هناك شيئا ما سيحدث قريبا في أبوظبي.
من يحاول مقارنة أبوظبي بدبي يجب عليه أن يتوقف عن ذلك, لأنها مقارنة في غير محلها لأسباب كثيرة يعرفها الجميع. وعلى من يزور دبي اليوم أن يلتقط لنفسه صورا كثيرة هناك لأنه في المرة التالية التي يزور فيها هذه المدينة ستظهر ملامح جديدة للمدينة لم تكن موجودة...
البعض من خارج الإمارات لم يستطع حتى هذه الساعة أن يستوعب ما يحدث في دبي, وأسئلة التشكيك والخوف والقلق على تلك الإمارة المنطلقة انطلاقتها التاريخية الكبرى تجعل الكثيرين من المراقبين الخارجيين وبعض من هم في الداخل يشككون فيما هي ذاهبة إليه, وهم معذورون. فما يحدث هناك يفوق الخيال, ولكنه حقيقة ماثلة أمامهم على أرض الواقع ويجب أن يقبلوها, لذا يفترض أن يتوقف المشككون عن تشكيكهم وأن يبدأوا ويدخلوا مرحلة الاقتناع بما يحدث على أرض الواقع من تغيرات. الحقيقة التي نلمسها أن الإمارات جميعها منطلقة إلى مرحلة جديدة, وهي الآن تكتب تاريخها الجديد وتشكل جغرافيتها الحديثة, وكل إمارة تضع حجر الأساس لإمارة ترتدي ثوبا جديدا وتظهر بمظهر مختلف قد يتفق معه البعض وقد يختلف, ولكننا في النهاية سائرون فيه...
لقد كتب لأبوظبي أن تكون إمارة متفردة لا تشبه أية مدينة أخرى, هكذا أرادها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وهذا ما يسير عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. إمارة عصرية بكل ما فيها من مقومات, ولكنها في نفس الوقت مدينة تفكر مرتين قبل أن تقدم على أية خطوة مهمة, ومدينة رحيمة تشفق على كل من فيها... ومدينة لا تبخل على من يحتاج إليها... إنها إمارة ذات تركيبة فريدة من نوعها لا يملك من يضع قدميه فيها إلا أن يرتبط بها ارتباطا قويا لا شعوريا... إنها إمارة لا تشبه إلا نفسها ومن الخطأ مقارنتها بغيرها.
إن هذا العام هو عام وضع الأسس الجديدة لأسلوب العمل وللمشاريع الحديثة. إنه العام الأول لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد, وهو العام الذي يعمل فيه الجميع لربط إنجازات الماضي بخطط المستقبل. وهو عام قبل أن يكتمل منتصفه فإنه شهد إنجازات كثيرة جدا. كيف لا يحدث ذلك والشيخ خليفة حفظه الله يعمل حتى في أيام العطل. وإجازة الشيخ خليفة ليست كإجازات الآخرين وفي هذا المجال قال في أحد حواراته مع جريدة "الشرق الأوسط": "وقتي ليس ملكي فهو مكرس للعمل حتى في أيام العطل والإجازات لابد أن أتابع وأسأل واتصل، ولا أشعر بالراحة إلا عندما اطمئن على كل الأمور وأنه ليس هناك ما يمكن أن يعكر حياة المواطنين"... وكثير من المسؤولين يدركون أهمية هذه المرحلة وحساسية هذه الأيام التي هي أيام وضع الأساس وترتيب البيت من الداخل وهي لا تقل أهمية عن مرحلة العمل وقطف ثمار الجهد والتعب.
والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة, صار وقته كله للعمل, ورغم ذلك لم ينسَ لقاءاته بالمواطنين. فبعد أن كان يستقبل المواطنين يوما واحدا في الأسبوع أصبح الآن يخصص لهم يومين يلتقي فيهما بإخوانه المواطنين ويستمع إلى مطالبهم ويستلم طلباتهم. ومن يعيش في أبوظبي يجب أن يلتقط صوراً له, ويخرج خارج جزيرة أبوظبي ويتمعن في تلك المساحات الشاسعة من حوله, فبعد سنوات قليلة ستتغير تلك المساحات لتملأها المباني الشاهقة, وفلل المواطنين والمصانع والشركات...
الكل يعمل بصمت. الكل يتحرك بسرعة كبيرة, ولكن بعيدا عن الأنظار. هناك أمور كثيرة تعد, ولكن كل شيء يأتي في وقته. هناك مرحلة جديدة يترقبها الجميع وأحلام تراود المواطنين ويعمل البعض على تحقي