رد فعل أسواق الأسهم المحلية خلال الأيام القليلة الماضية للأحداث الاقتصادية المتعاقبة مؤشر قوي على صحة السوق واستجابتها المرنة للأحداث الاقتصادية، وهو ما يحدث في كافة أسواق المال الكبرى في العالم، والتراجع الذي شهدته أسعار الأسهم منذ يوم الأربعاء الماضي، وما أعقب ذلك من إعلان شركة للاتصالات جديدة، وكذلك انخفاض سهم إعمار القيادي في السوق، جاءت تعاملات أمس الأول وأمس لتصحح الأوضاع ولتعود الأسواق إلى مسارها الطبيعي.
فبعد الهبوط الحاد الذي سجلته أسعار الأسهم أيام الأربعاء والخميس والسبت، بسبب تدخل المضاربين في السوق بهدف جني الأرباح الفورية، عادت أسعار الأسهم لترتفع مجددا، ولتعوض جزءا من خسارتها، وسط توقعات بتحقيق مزيد من الارتفاعات خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وبالحديث عن المضاربين والتلاعب في السوق، نتساءل عن دور هيئة الأوراق المالية والسلع، والرقابة التي يجب أن تحكم عمليات التداول، والتصدي للمتلاعبين بالسوق، ومدى الشفافية التي تأتي في مقدمة مهام إدارتي الهيئة وأسواق المال في الدولة، ولا ننكر الدور الكبير الذي تلعبه تلك الجهات في الحفاظ على مصالح المستثمرين خاصة الصغار منهم، إلا أن مستوى الرقابة يجب أن يرقى عن المستوى الحالي، وكذلك مبدأ الإفصاح والشفافية يحتاج إلى مزيد من الجهود للتفاعل معه من كافة الجهات المعنية بالسوق، سواء كانوا مستثمرين أو عاملين بها.
سوق الأسهم تمثل جزءا مهما من الأداء الاقتصادي للدولة، وكافة التوقعات تشير الى أن العام الجاري سيشهد مزيدا من النمو ليصل إلى نسبة 4% تقريبا، والتلاعب بالسوق عبر التصريحات المضللة أو تسريب الشائعات لن يضر فردا أو مجموعة بعينها، بل سيضر مباشرة الاقتصاد الوطني، ومن ثم يجب تفعيل دور الجهات الرقابية على أداء أسواق المال المحلية لتفادي الوقوع في العثرات، ولتكن السوق مكملة للأداء الاقتصادي الجيد للدولة.
الضغوط التي تعرضت لها أسواق الأسهم المحلية على مدى ثلاثة أيام تعاملات متتالية، وخرجت منها بخسائر محدودة مقارنة بالأسواق الأخرى إذا ما تعرضت لنفس الظروف، تؤكد مدى متانة الاقتصاد الوطني وما تتمتع به الدولة من مقومات اقتصادية تمكنها من التصدي لأي رياح عاتية، فعلى الرغم من توقعات البعض بأن أزمة 1998 باتت قاب قوسين أو أدنى من السوق، إلا أن تعاملات اليومين الماضيين جاءت لتعكس بالفعل قوة الاقتصاد الوطني ومرونته في التعامل مع المستجدات، وفي نفس الوقت "صحية" السوق في التعامل السريع مع ما يرد عليها من أنباء.