تبدأ يوم الأحد القادم في تونس الانتخابات البلدية التي يتنافس فيها أكثر من 4300 مرشح ينتمون للحزب الحاكم وأربعة أحزاب معارضة أخذت تظهر بقوة في الساحة السياسية التونسية مؤخراً. وبين مشكك بنزاهة هذه الانتخابات قبل أن تبدأ، وبين متيقن من أنها ستكون انتخابات تاريخية في نزاهتها وقوة فرص المعارضة فيها، أرى أن هذه الانتخابات إنجاز للشعب التونسي الذي بدأ يتفيأ ظلال الديمقراطية الحقة بعد أن ضغط لسنوات طويلة على الحزب الحاكم في البلاد كي يتنازل عن السلطة الفردية والحوزات السياسية التي كان يحرص على عدم التفريط بها مهما عظم قهر المجتمع وازدادت شحنات الغضب بداخله.
هذه الانتخابات تاريخية لعدة أسباب... أولها أن الأفق السياسي التونسي تحول في الفترة الأخيرة من أفق منغلق تحكمه المصالح الفردية والسلطة القهرية إلى أفق تبدو فيه ملامح الإصلاح. ربما تكون بوادر هذا الإصلاح لم تظهر جلية حتى اللحظة، إلا أنها بادية خلف الستار للسياسيين المعارضين. ومن هنا تجد أن الأحزاب المعارضة قد دخلت هذه الانتخابات بقوة وبشهية مفتوحة للمنافسة.
وثانياً أن الرئيس التونسي يؤمن بأن العالم تغير، وأن الاتجاه الدولي للأخذ بشكاوى الشعوب على زعمائها من القهر والظلم السياسي بدأ يتنامى شيئاً فشيئا، ومن هنا قرر أن يمنح الفرصة للأحزاب المعارضة للمشاركة في الانتخابات البلدية بصورة أكثر انفتاحاً من ذي قبل.
إذا استغل المعارضون السياسيون في تونس نعمة هذه الانتخابات، التي تنطلق يوم غدٍ الأحد، واستطاعوا أن يكرسوها كعادة مكتسبة سياسياً للشعب أعتقد أن الوضع السياسي في تونس سيتغير نحو الأفضل إن شاء الله. وما هو أهم من ذلك أن يبتعد المتشائمون والمشككون عن طريقنا كي نستطيع السير في طريق سليم بلا عوائق أو مخاوف ليس لها سبب مقنع ولا دافع قوي.
مصطفى مرادي - تونس