من بين القضايا العراقية المهمة التي يغفلها الإعلام العربي والغربي بصورة عامة عند تناوله لموضوعات الشأن العراقي، تبرز قضية العراقيين الذين هاجروا من بلدهم إبان حكم صدام حسين ولم يعودوا إليه حتى اللحظة.
هذه القضية مهمة من عدة جوانب. الجانب الأول هو أن هؤلاء العراقيين ازدادوا عدداً ووعياً وثقافة وعلماً، وخرج من ذريتهم جيل جديد لا يعرف العراق إلا من خلال وسائل الإعلام التي لا تتناول أخبار وطنهم الأم بغير صورة الوطن الخراب. ومن هنا أصبح هناك قطع في العلاقة بين هذا الجيل الغريب عن العراق وبين أهله المتواجدين في الداخل بانتظار يوم يلتئم فيه شمل العائلة على دجلة أو الفرات, وهو أمر شبه مستحيل في القريب العاجل.
الجانب الثاني هو أن المهاجرين العراقيين الذين غادروا العراق في الثمانينيات إبان الحرب العراقية الإيرانية، أو في التسعينيات إبان فترة الحصار الغربي والضيق السياسي، أصبحوا اليوم مستقرين في معظم الدول الأوروبية، وبعضهم يمتلك ثروة من عمله طيلة هذه السنين، وبذلك هو يخشى من العودة إلى العراق وخسارة حياته المستقرة، وتبذير أمواله.
أما الجانب الثالث فيتجلى في مسألة الاعتياد على الحياة الغربية الحديثة والانفصال الكلي عن الحياة العراقية التقليدية لسنوات طويلة، مما يعني بالضرورة صعوبة العودة والعيش في العراق بصورة طبيعية، كما كان الوضع قبل الرحيل عن الوطن والأهل.
تلك الجوانب تشكل قضية العراقي المغترب عن وطنه منذ زمن، وهي قضية لا يزال الإعلام العربي والغربي يغفلها، وكذلك السلطات المختصة في العراق. ومن هنا تبرز الحاجة للانتباه لهذه القضية، ومحاولة إيجاد حل لمعضلة حقيقية يعيشها العراقي المغترب، وإن لزم الأمر فلتشكل وزارة للمغتربين العراقيين تلقى على كاهلها مهمة وضع استراتيجية وطنية للتعامل مع مشكلة المغتربين العراقيين، ووضع دراسات في الموارد البشرية تناقش إمكانية الاستفادة من خبراتهم في كافة الحقول والمجالات. وأعتقد أن الحكومة العراقية الجديدة إن لم تفكر بهذا الاتجاه ستخسر عراقيي الخارج إلى الأبد.
عباس أطرقجي - بغداد