في مقاله المنشور يوم الأحد الماضي بصفحات "وجهات نظر"، والمعنون بـ"ما بعد الانسحاب" قدم لنا الدكتور شملان العيسى تصوراً غير صحيح للأزمة اللبنانية السورية وأسبابها، يظهر ذلك بوضوح عندما يطلب من لبنان إقامة علاقات دبلوماسية وثيقة مع سوريا، واحترام كل بلد لخصوصية الآخر، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل بلد. وأقول للدكتور شملان العيسى: طلباتك هذه تذكرني بالقول الجميل "ضربني وبكى وسبقني واشتكى". سوريا هي التي انفصلت جمركياً واقتصادياً عن لبنان في بداية الخمسينيات وهي التي رفضت التمثيل الدبلوماسي بحجة أن لبنان وسوريا أكثر من أشقاء، وهي التي تدخلت سياسياً وعسكرياً منذ قيام الدولتين.
أذكر هنا بأزمة عام 1958 التي اندلعت على أثرها ثورة مدعومة من دولة الوحدة المصرية السورية ونتيجتها معروفة لا غالب ولا مغلوب، ولكن المغلوب كان دائماً لبنان، وذلك لسياسته المحايدة وشعاره عدم التدخل في الشؤون السورية والعربية. بينما كان هدف السياسة السورية خاصة بعد استلام "البعث" التدخل في الشأن اللبناني وحتى الآن لم ينته لبنان من هذه السياسة التدخلاتية إلى أن أفرغ لبنان من سيادته وتشوهت ديمقراطيته وأصبح بلا قرار. لبنان يتمنى علاقات دبلوماسية طبيعية وقوية ومميزة مع الشقيقة سوريا كعلاقاته مع كل الأشقاء العرب. أيضا لابد من توضيح الصورة عندما يطلب د. العيسى من قيادات المعارضة إعادة بناء الجسور مع سوريا بعيداً عن أسلوب الوصاية والعلاقات الاستخباراتية، أصلاً هذه إحدى طلبات المعارضة اللبنانية الأساسية والتي لم تأخذها سوريا بعين الاعتبار. هدف المعارضة تأكيد مصالح الشعبين الشقيقين دون وصاية وهيمنة.
سعيد علم الدين- برلين