هل سيعاقب البريطانيون رئيس حكومتهم توني بلير على دوره في حرب العراق؟
إذا كانت كل الدلائل تشير إلى أن حزب "العمال" البريطاني بزعامة بلير سيحقق نجاحاً معتبراً في الانتخابات التشريعية التي تجرى في المملكة المتحدة اليوم الخميس، فلا يعني ذلك وفقاً للاستطلاعات التي سبرت آراء الناخبين، أن المواطن البريطاني عفا لبلير عن خوضه حرباً ضد بلد آخر استناداً إلى معلومات كاذبة وملفقة ظل يحاول إقناع البريطانيين بها عدة أشهر قبل الحرب وبعدها. وإنما غالبية الذين سيصوتون له هم ممن عارضوا الحرب ولا زالوا يعارضونها حتى اليوم. وقرار معارضي بلير من داخل حزبه وفي أوساط مؤيديه التقليديين بالتصويت له، رغم احتجاجهم ضد لا أخلاقية الحرب على العراق، يعود إلى ضعف مستوى قدرة منافسيه مايكل هاوارد زعيم المحافظين، وتشارلز كينيدي زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار على الإقناع، وعجزهما عن تقديم برامجهما وشخصتيهما بمستوى مماثل من الكاريزما والشخصية المؤثرة والجذابة التي يتمتع بها بلير.
لذلك لا يريد الناخبون معاقبة بلدهم بالتصويت لأحد رجلين لا يرون فيهما الكفاءة لقيادة البلاد، ولكنهم يصرون على رفضهم لسياسة بلير الخارجية، خاصة لجهة تحالفه مع إدارة بوش الأب، وموقفه السلبي إزاء خطوات الاندماج الأوروبي، بينما يبدون تمسكاً واضحاً بسياسته الاقتصادية التي أدت إلى رفع النمو الاقتصادي والتحكم في معدلات التضخم والبطالة والديون!
هذا الوعي الذي إذا رأى محاسن وإيجابيات للسياسيين، لا يلغي من اعتباره عيوبهم، والعكس صحيح هو ما تحتاجه حياتنا السياسية في الوطن العربي. بل نحتاج أكثر من ذلك للتأثير على القادة وقراراتهم، إن سلباً أو إيجاباً، في القضايا التي تهم الرأي العام. فهل من قضية شغلت الرأي العام العربي وأدمت وجدانه مثلما كان عليه الحال مع الغزو الأميركي- البريطاني للعراق؟ لكن مع ذلك ما من حكومة أو مسؤول عربي واحد فقد منصبه عقاباً من الشعب على المواقف والسياسات التي تبنتها حكومته إزاء تلك القضية التي ما زالت تتفاعل في الغرب وفي الشارع البريطاني الذي كان يود معاقبة بلير لو وجد البديل المناسب للتخلص منه!.
مراد سمير- لندن