مثلما أدهشتنا معالي الوزيرة لبنى القاسمي بأول تصريح لها بعد تسلمها حقيبتها الوزارية، بأنها غير معنية بالطبقة الكادحة، تدهشنا اليوم بتصريحها بأنها ستعمل على إلغاء قانون الشريك المواطن! ليتملك الأجنبي المؤسسة التجارية بشكل كامل، بمعنى أن يتم إلغاء اشتراط الشراكة بنسبة 51 في المئة التي تحفظ حق الوطن والمواطن!
وددت وقتها لو هاتفتها فوراً لأسألها عن مزايا القانون الجديد، وفوائده وكيف ستعود بالخير على الوطن أولاً ثم المواطن؟!
ما تعرفه معاليها - وربما لا تعرفه- أن هذا القانون ضمن حقوق مواطنين كثر، وكان سبباً في عدم تصنيفهم ككادحين، وهي الصفة التي أطلقتها معاليها على البعض -أو الكل- وكان أيضاً سبباً في حفظ حق الوطن من نصب الشركاء غير المواطنين حين يفرون بأموال الشركة إلى بلاد الواق واق، ثم يعلن البنك أنه تعرض لعملية نصب وهروب، وليقع بعدها ما يقع.
وما لا تعرفه أيضاً معاليها أنها عندما تلغي مثل هذا القانون -الذي بسببه لا زالت اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة تقع ضمن دائرة التفاوض لما لهذا القانون من سلبيات تضر بالصالح العام قبل أي شيء أو أي اعتبار لأي أحد- فإنها تلغي فرصة مهمة للشريك المواطن في اكتساب خبرة تجارية وفي زيادة رأس مال مشروعه وفي استيعاب لحجم وأهمية المردود الاقتصادي لمثل هذه الشركات في استثمار الكنز الذي تأتي به مدن الأحلام، كما يحلو للبعض أن يطلق على دولة الإمارات.
ولعل ما عرف عن معالي الوزيرة من أنها تهتم بالتوطين - رغم أن منصبها السابق في تجاري دوت كوم والذي ما زالت تشغله لانعدام الكفاءات الوطنية!- لكن بعد اهتمامها بالموظف القادم من جنسيات أخرى، وربما كان قرارها هذا سيصب كل خيراته على مثل هذه الجنسيات لكثرتها ومنافستها غير المتكافئة مع المواطنين في سوق الأعمال التجارية.
ناهيك عن أن الطبقة الكادحة التي تتحدث عنها الوزيرة ستزداد كدحاً، وستزداد طبقة الأجانب استئثاراً بخير الدولة ولصالح اقتصاد دول أخرى تعيش على مدخرات وتحويلات أبنائها المقيمين على أرض الكنز، دولة الإمارات.
والأهم أن الشريك المواطن صمام أمان بمعنى أنه يفترض به الاهتمام بما يهم ويدعم وطنه ويحرص عليه، لكن الآخر ما الذي سيعيقه لو ملأ المكان بأهله وطائفته وكل من ليس له مكان ليزداد الخلل خللاً، وحدّث بعدها عن إنقاذ ما يمكن إنقاذه والذي لن يكون سوى المواطن الكادح الذي ضاع بعد أن ملك الأجنبي سوق الغذاء والدواء والذهب والبنوك، ماذا بقي؟ ربما سوق السفر والهجرة نحو الشمال والجنوب والانكفاء على الذات، لأن أحداً لا يصدق أن الأمر أخطر من تصريحات تراعي مصالح القلة وتتجاهل مسميات الحب الحقيقي لوطن أعزل لا يراه الغريب أكثر من كونه منجم ذهب.
المناصب أمانة، أكثر من كونها أي شيء آخر، والوطن هو الأمانة الفعلية التي تختبر صدق العطاء والحب الذي لا يعرف ولا يرى ولا يسمع إلا اسم الوطن وصالحه المهم والأهم.
لذلك كان الميزان مطلوباً على الدوام، وكان التفاؤل بوجود معالي الوزيرة لا يضاهيه إلا الثقة بأنها من الذين صدقوا الحب والعطاء، نسألها أن تعيد النظر في أشياء عدة أولها المصلحة العليا.
وثانيها المصلحة العليا.
وآخرها المصلحة العليا، أي مصلحة الوطن لا مصلحة أي كان ومن سيكون!.