كانت النتيجة التي انتهى إليها تقرير أميركي رسمي صادر في الآونة الأخيرة، متوقعة جداً وتبدو طبيعية إلى أبعد حد، ومن ثم لم تثر أي شعور بالمفاجأة لدى أغلب المراقبين! فقد ذكرت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي عن "حالة الإرهاب في العالم"، أن العمليات التي تصنفها واشنطن إرهابية تزايد عددها في عام 2004 بعشرة أضعاف عنه في عام 2003، وأن العراق الذي قامت الولايات المتحدة بغزوه في إطار حربها الكونية ضد الإرهاب، أصبح ساحة للعدد الأكبر من تلك العمليات.
ولا يشك أحد في أن سياسة أميركا تخلق لها من الأعداء أكثر بما لا يقاس من أصدقائها الجدد الذين قد تكسبهم جراء تلك السياسة أو بفضل تعميم النموذج الثقافي الأميركي المهيمن؛ فبدءا من العولمة (أو الأمركة كما يفضل البعض وصفها) والتي يتزايد معارضوها في أطراف العالم قاطبة، خلق التوجه الأميركي نحو الاستخدام المتزايد لوسائل القوة العسكرية في مواجهة الآخرين الذين يختلفون معها انطباعا عاما على المستوى العالمي بكونها دولة شريرة وخارجة على القوانين والأعراف الدولية! ففي مسلك نادر من نوعه منذ نهاية عصر الاستعمار التقليدي، نجد أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تجيش حملات عسكرية لغزو دول أخرى مستقلة وذات سيادة، كما فعلت في فيتنام وتشيلي ولبنان والعراق...! وكما وقفت الولايات المتحدة كطرف داعم وحام لأكثر الأنظمة تسلطا واستبدادا في العالم، جعلت من نفسها أيضا الشريك الأساسي والأول و"المخلص" لدولة إسرائيل التي تأسس وجودها ويستمر بقاؤها على احتلال أرض وإلغاء شعب آخر!
لذلك لا يفاجأ المرء، حين يلاحظ أن تقرير الخارجية الأميركية صنف تفجيرا انتحاريا لطائرة روسية العام الماضي، وكان على متنها إسرائيلي واحد، باعتباره حادثا إرهابيا، بينما اعتبر تفجير طائرة روسية أخرى في العام نفسه شأنا روسيا محليا لأن كل ركابها كانوا جميعهم من الروس وليس بينهم إسرائيلي واحد!.
إبراهيم حسين- دبي