يدور في الشارع العراقي كلام وحكايات تصل إلى حد النكتة عن الفساد الإداري الذي تعاني منه أجهزة الدولة العراقية، ربما من باب "شر البلية ما يضحك". وقد ورد في تصريح رئيس "لجنة النزاهة" المعنية بمراقبة مثل هذه الأمور "أن نسبة الفساد في حكومة الدكتور إياد علاوي قد وصلت إلى أكثر من سبعين في المئة" ليعطي الدليل الصارخ على واقع هذه العملية!
فساد المسؤولين هو الجريمة الأكثر إيلاماً, لأن العراق وأهله بحاجة إلى كل درهم لأجل إعادة بناء أنفسهم ومرتكزاتهم وللقضاء على الإرهاب الذي دخل البلد من أوسع أبوابه. وضمن هذا الإطار تلاعب بول بريمر الحاكم المدني الأميركي للعراق مع إدارته بتسعة مليارات دولار من أموال الشعب. وبأي حال لا يمكن تقبل ولا تفهم الفساد الحالي على أيدي معظم المسؤولين في العراق، والذي وصل إلى ضعف الرقم الذي بدده بريمر وجماعته. والمفروض أن هؤلاء المسؤولين أبناء البلد ومكانهم في الخط الأول للدفاع عن مصالحه, لا أن يكونوا معولا كبيرا في سرقة أموال العراقيين. ومكافحة الفساد ستكون واحدة من أكبر المشكلات التي ستواجه الحكومة الجديدة، وسيكون القضاء على الفساد هو الفاصل الرئيسي بينها وبين الحصول على دعم الشعب العراقي.
وهنا أتذكر مقولة أدلى بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير دفاع دولة الإمارات العربية المتحدة، كان ذلك قبل عام ونصف تقريباً، في لقاء جرى في دبي، وجمع رجال أعمال عرباً وإماراتيين وعراقيين، وعندما كان الجميع منهمكين في شرح فرص العمل والأرباح داخل العراق الجديد، قاطعهم سموه قائلاً: "يحزنني أن تنظروا إلى العراق فقط كونه فرص أرباح استثمارية واقتصادية لأن العراق أكبر من ذلك بكثير...". وأقول له: بارك الله فيكم وإن مثلكم لا يشقى معه المرء. واسمح لي أن أرسل مقولتك الأصيلة والكريمة هذه من هنا إلى كل مسؤول عراقي "لا يعرف قدر ومكانة العراق".
محمد الوادي- كاتب وصحفي- كوبنهاجن