استأثر تزامنُ عرض الحكومة العراقية الجديدة، وهي بالمناسبة انتقالية، على الجمعية الوطنية (الانتقالية)، مع ذكرى ميلاد رئيس النظام السابق في العراق صدام حسين، باهتمام "غير ودي " من وسائل الإعلام العربية. وقد كتبت صحف أن حكومة الدكتور إبراهيم الجعفري، جاءت ناقصة "مريضة"، بينما في المقابل أعلن محامي صدام أن موكله يتمتع.. بصحة جيدة!. الانتخابات العراقية لم تكن شرعية لأنها ببساطة تمت في ظل الاحتلال وإن كل ما نشاهده اليوم من عملية سياسية، يجري استنادا إلى قانون إدارة الدولة الذي وضعه الحاكم المدني السابق بول بريمر، وأميركا لا يمكنها أن تقيم ديمقراطية في العراق بالاحتلال وبإسقاط النظام من الخارج، وإن النظام السابق كان يُنظم الانتخابات والاستفتاءات أيضا، وكانت كلها تتم في ظل القمع والقتل والتنكيل. العراقيون نسوا تاريخ ميلاد صدام ولا يريدون تذكره ولا غيره من التواريخ التي مرت ذكراها عليهم منسية عابرة. نعم لقد نسي العراقيون ذكرى ميلاد صدام وما عادوا معنيين به لا خوفا ولا طمعا، ومجرد مشاركة نسبة كبيرة منهم وهي الأغلبية، في الانتخابات، وإن جرت منقوصة بغياب "سنة عرب" عنها، يؤكد أنهم ماضون في طريق آخر ليس على الأقل نفس الطريق الذي أراده لهم صدام حسين.
إنني شخصيا نسيتُ تماما تواريخ كنا نتابعها أيام الحكم السابق، من أجل أن نعرف ماذا سيقول الرئيس المخلوع في مناسباتها، ومنها 8 فبراير و17-30 يوليو عام 1968 ومجيء صدام إلى سدة الحكم عام 1979 و7 أبريل ذكرى ميلاد البعث، وطبعا 28 منه وقد مرّت كلها كمعظم أرقام الروزنامة العراقية بعد 9 أبريل 2003 وما تلاه من تواريخ جديدة في عهد جديد وقد مرّت دون أن ينتبه لها أحد، لأن التاريخ يكتبه عادة الأقوياء.. المنتصرون.
يروى عن السياسي البريطاني وينستون تشرتشل قوله للسيدة التي أبدت تخوّفها من احتمال ألا ينصفه التاريخ: "سيدتي كوني مطمئنة لأنني أنا نفسي الذي سيقوم بكتابة التاريخ".
نجاح محمد علي- صحفي عراقي