اللبناني المقاتل البطل على حدود وطنه وفي وجه كل من غزاه, هو نفسه المتقاتل داخل وطنه. اللبناني الذي حكم دولاً في أقاصي العالم, نراه غير قادر على أن يحكم في وطنه. هذا اللبناني نراه عاجزاً عن صيانة وفهم أعماق النسيج الاجتماعي لوطنه وإيجاد توافق سياسي للتركيبة الاجتماعية فيه. هذا اللبناني الذي نراه شامخاَ واقفاَ على قدميه خارج وطنه ومحبطا راكعا على ركبتيه داخله أو هارباً منه لتحقيق ذاته وأمنياته. وهذا اللبناني الذي لا تتحقق طموحاته إلا خارج البلد ولا تنمو إنجازاته إلا خارج حدوده, يعيش بقهر أفكاره وحرية قراره في وطنه ويستنهض الحريات في العالم.
كيف يستمر الإنسان في وطن يُقتًل في أبنائه الطموح ويدمر العنفوان؟ كيف يتطور الوطن والميراث السياسي وأبناء الذوات وحكم الباشوات يعشش في مؤسساته وتحت قبة البرلمان؟ وها هي الطبقة السياسية بعد هذا الغضب الشعبي والزلزال الذي أصاب لبنان واستطاع أن يهز ويسقط أهم مؤسساته وأفراد أجهزته تختلف على طائفة مسؤول في هذا المنصب أو ذاك وتطير جلسة مجلس النواب مع طاقم الوزارة الجديد الذي نال أكبر نسبة من المؤيدين من مجمل النواب فكيف كانت الجلسة لتنتهي لو أن الثقة كانت على صوت أو صوتين؟ عندما يسقط مجد الوطن والمواطن في دائرة النسيان ويتهمش دوره ويصبح خارج ركب التطور ويغرق في مستنقع الفردية والأنانية والفساد والإفساد والذل والطغيان. إنه وطن يحكم ويوجه قادته بالريموت كونترول, وتنتشر فيه البطالة والفقر والحرمان والجهل، هذا يحدث في بلد الحرف وعاصمة الفن والشعر والألحان.
شوقي أبو عياش-الشوف - لبنان