ما أعلنه مرشح الائتلاف الشيعي لرئاسة الوزراء العراقية إبراهيم الجعفري في الأيام الماضية بخصوص طلبه من الأردن تقديم اعتذار رسمي عن جرم لم يرتكبه، يتناقض مع ما يحتاجه الشعب العراقي في الوقت الراهن من مدّ جسور ثقة بينه وجيرانه حتى يصل بالبلد إلى برّ الأمان في ظل دوامة العنف الدائر هناك، الذي حصد ولا زال يحصد مئات القتلى الأبرياء في شتى بقاعه بيد الإرهابيين من جهة والجنود الأميركيين من جهة أخرى. فمجزرة "الحلة" كما هي مجزرة الفلوجة والموصل، وفي كل شبر آخر من العراق، مدانة من قبل الجميع وليس فقط الفئة الشيعية في العراق، لأنها تتنافى مع الشرع والقانون وأبسط الحقوق الإنسانية، وقد كان الأردن الرسمي والشعبي من أوائل من أدانوها.
وكان بالإمكان تجاوز التوتر الحاصل الآن بين الأردن والعراق، لو أن المزايدات السياسية لم تمتزج به، كما أنه يمكن لبعض المحللين القول إن تلك التظاهرات لم تكن بريئة خاصة إذا أخذنا في الاعتبار قضية "بنك البتراء" التي يعرفها الجميع، والتي صدر فيها حكم غيابي ضد أحد زعامات الائتلاف الشيعي أحمد الجلبي، وبالتالي فربما يحاول هذا الأخير الضغط على الأردن حتى يلغي أمر القبض الصادر ضده بصفته المعني المباشر بالقضية، إلا أن المشكلة هي أن المسألة تجاوزت بعدها السياسي لتصل إلى عداوة بين الشعبين العراقي والأردني.
وعلى آية الله علي السيستاني، وهو صاحب الكلمة المسموعة أن يتدخل لصون دماء الشعبين ويطالب الطرف العراقي بعدم الانزلاق وراء تلك المهاترات، وألا يسمح باستغلال دم شهداء "الحلة"، في ماراثون سياسي لا طائل من ورائه.
بتار ولد محمد المختار - موريتانيا